في صباح اليوم التالي لوصوله إلى القصر
سأله صاحب القصر عدة أسئلة
عن كل ما يفضله من طعام وشراب حتى نوع العطر المفضل له
الرجل يسأل وصاحبنا يجيب والرجل يكتب في نوتة صغيرة كل شئ ليوفر له كل إحتياجاته .
أولى دروس البرتوكول التعرف على الضيف من خلال معرفة كل ما يحتاجه , ولاسيما إن كان الضيف مختلف الثقافة والجنسية والديانة , كان على الأسرة معرفة كل شئ عن الضيف , وكان على الضيف معرفة المعلومات اللازمة على تلك الأسرة , تاريخها عادتها , تقاليدها , سجلات أعمالها , جذورها ….كل شئ عنها .
أولى الدروس التي تعلمها فن الإتيكيت الفرنسي العريق .
لم يدر صاحبنا أن تلك الدروس كانت له أولى الخطوات للعمل لدى البعثة الدبلوماسية المصرية في باريس .
ساق القدر صاحبنا ليتعلم فن الإتيكيت الذي يسر له دخول عالم الدبلوماسية .
ماهو فن الإتيكيت …..؟
هو فن السلوك البالغ في التهذيب أو فن إبراز الخصال الحميدة في السلوك الإنساني .
فن الإتيكيت له قواعد مكتوبة وأخرى غير مكتوبة تعبر عن البساطة والأناقة والرقي والتحضر وعدم التكلف , وكلها تعكس قيم الذوق والجمال والبساطة والثقافة ولاسيما في المناسبات والحفلات والإجتماعات والمأدب الرسمية .
تعلم صاحبنا فنون الإتيكيت في فروع شتى منها :
فن الإتيكيت في الحديث
فن الإتيكيت في الملابس
فن الإتيكيت في الإجتماعات الرسمية والمناسبات الإجتماعية المختلفة .
فن الإتيكيت في الإستقبال والوداع .
فن الإتيكيت في المسرح
فن الإتيكيت في دار الأوبرا
فن الإتيكيت في الولائم والحفلات
فن الإتيكيت في تحضير الموائد
فن الإتيكيت في تنسيق الزهور
فن الإتيكيت في الإصغاء والإنصات
كان صاحبنا يراقب الجميع , وكان سريع البديهة , وكان يختلس بعض اللحظات ليسأل ” جي ” عن أمور غامضة لم يفهمها في قواعد البرتوكول .
بإختصار شديد عرف صاحبنا عن نبلاء فرنسا كيف يأكلون ويشربون ويلبسون ويتكلمون ويتناقشون …..تعلّم منهم الكثير والكثير .
كان هو الأخر يحدثهم عن حضارة بلاده وتاريخها , كان يسافر بهم عبر صفحات التاريخ بين الأصالة والحداثة , بين الماضي والحاضر .
نقل لهم الصورة الذهنية الرائعة عن تاريخ مهد الحضارة الفرعونية القديمة .
وبعيداً عن دروس الإتيكيت كان يمارس مع الأسرة رياضة سباق الدرجات عصر كل يوم في ربوع الطبيعة الخلابة التي تحيط بالقصر .
وجبة العشاء كانت تستمر حوالي ساعتين .
كانت بمثابة عيد
من حيث حضور كل افراد الأسرة وغالباً ما يكون هناك ضيوف .
كل مقعد مكتوب عليه اسم صاحبه
نظام حضاري رائع
تتكون وجبة العشاء الفرنسية التقليدية من عدة مراحل بداية من المقبلات والسلطات وفواتح الشهية , مروراً بالوجبة الرئيسية ثم تنتهي بالحلويات أو الفواكه وربما قطع من الجبن المتلف ألوانه وانواعه .
الزهور والورود شئ أساسي على المائدة الفرنسية
أحياناً يكون العشاء على أضواء الشموع مع موسيقى حالمة من روائع الموسيقى العالمية .
وجبة العشاء تجمع بين الاناقة والعراقة والثقافة والفن والجمال والرومانسية والحب خاصة لو كانت في حديقة القصر في الهواء الطلق .
تبدأ وجبة العشاء غالباً في الساعة السادسة والنصف وقد تستمر لساعتين أو أكثر يتخللها الحديث والدعابة والفكاهة .
بعد العشاء يتفرق الجميع كلاً في غرفته .
كان صاحبنا يتناول كتاباً من المكتبة ويسبح معه عبر إسطوانات الموسيقى التي تأخذه في عالم أخر .
عاش صاحبنا في حلم جميل في الجنة إلى هذا اليوم الذي ……
تابعونا في الحلقة القادمة
دكتور / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.