العاصمة

يـومُ الـثـلاثـاء!! / قصة

0

****************
بقلم الأديب:احمد عـفيفي
دمياط – مصر –
**************
إنتفض على ارتجافة من ضيفه الراقد إلى جواره, رآه كمن لدغه عقربٌ
مسح جبهته المعروقة وأسقاه ماءاً بارداً, ثم سأله:ماذا بك؟
قال فى شرود:رأيتنى مُمدداً بلا حراكٍ , وناسٌ كثرُ يلتفون حول جثتى, وامرأةٌ أعرفها تماماً, تنظر إلىّ بازدراء, وتفتح حقيبة يدها, تُخرج علبة سجائرها وتشعل سيجارة, وتنفث دخانها بقوةِِ وارتياح!..
ثم ينصرف الناس, والمرأة, ويظهر شبحٌ يحوّم من بعيد, ويدنو ,كان يُشبهنى!
عاودتُ النظر, رأيتهم يعودون, يركلون جثتى, ينغزونها بالعصى, يبصقون عليها, أولئك الذين لم أرهم البتّة , إبّان حياتى!
*كنت أُخمّنُ دائماً أنى سأموت يوم -ثلاثاء-,وكنت أُخمّنُ أن مجهولين يبحثون عنى فى رؤوسهم,ولكن كيف عرفوا بيوم الثلاثاء؟..
عاد الذى يشبهنى, واقتحم جثتى ودخلنى , وانتصب بى واقفاً !.
ثعبانٌ صغيرٌ جداً, ونحيل ,كان الحد الفاصل بيننا..أمّا خلفنا..فآلافٌ من الثعابين الشرهه, والجرذان السمينة البطيئة الحركة..وليس ما يعوضنى عن الصراخ, وليس ثمّة موضعٍ للإختباء..وظهرت هِرةُ سوداءٌ من ذوات الأعين المضيئة, تلاحقنى, تلحس ما تبقى من ظلى , والجرذ السمين الشره..لم يأبه لتوسلاتى:بالإبقاء على لقبى ببطاقة الهويه!..
(آهِِ أيها اللحدُ المُسمّى -زوجتى-, حتى الهوان تبرّم من صُحبتى, وأنتِ ما زلتِ لصقى ,تنفثين فحيحاً منتظماً كأفعى مستقرة)!..
*(مرحى-ماجده- حتى وأنا أتهاوى , تلوحين بقدِّك الرشيق,وفتنتكِ الخالدة,تميلين علىّ كعلامة إستفهام, تسألين:لماذا ظللتُ فى هذه البقعة؟,..كثيراً ما تسللتُ فى محاولات يائسةِِ للمُغادرة, فيغافلنى النهار, ويولّى مسرعاً مخلفاً لى الغبار, فأختنق, أكتب, أجوع , آكل عظم حروفى, أظمأ, أشربُ من نحيبى الداخلى..
آهِِ -ماجده- هل كان لابُدّ للخريفىّ أن يتكأ على غير خريفية؟..لابُد من وسيلةٍ للحدِّ من زحف التجاعيد فى القلب, والروح , تأخذين علىّ بساطتى وفِطرتى, ومع هذا تميلين علىّ بين الحين والحين , تذكريننى أن شيئاً منّى ترعرع فى فيكِ, وأننى مازلت مُعوزّاً لدفئك, رغم وجودى كنصف حىّ , مازلتُ أتحرّك, غير أن ساعدىّ يأبيان حمل مخطوطاتى إلى أصدقائى المنافقين , مازال رأسى يدفع ثمن الوخزات التى ينفثها القلب تباعاً..والعجيب, أن بصرى مازال مُمتثلاً للرؤية!, كم أودُ أن أهمس فى أذنىّ -شهاب- كلب جارى الصارم المخيف:أن اليوم-الثلاثاء- هو الأخير فى تجربتى الحياتية..لكننى أخشى ردود أفعاله , إذ رُبما -بحركةِِ شهابيةِِ- واحدة, تحدث مذبحة , هكذا الحارة هُنا غنيةً بالكلاب الشهابية ..
*مازلتُ مُهيئاً لنهايتى,أستعرض سيرتى الوارفة:حيـوات كثيرة وكئيبة لم تخذلنى اللهجةُ فى رصد كبواتها العديدة, ورغم هذا, أكون أكثرحُزناً حين أرى الخُبزَ نيّئاً, أومحروقاً..حين أرى الماء عكراً..والوجوهُ شاحبةً!..
يا لشُحّ القدر..هناك الكثير مما ينبغى عمله,كرغبتى-مثلاً- أن أحب -طوعاً- من يكرهنى, ومن يُدلل نفسه فى روحى -عنوةً- ومن يمزّق طائرة حفيدى الورقية..
آهٍ , من يأتنى بما نسيته داخلى؟..لكن لماذا أبدو حيّـاً حتى الآن؟ماذا يحدث؟, معذرة مضيّفى الكريم, أثقلتُ عليك..لكن لماذا تلكِزُنى وتشير للنافذة؟ ما هذا الضوء؟
-قال مُضيًفه:إنه يومُ الاربعاء!!@
**************
من مجموعتى – طقوس صارمة –

اترك رد

آخر الأخبار