العاصمة

يحيا الهلال مع الصليب

0
كتبت /ريم ناصر
منذ قديم الأزل ومصر تعيش نسيجاً واحداً لا فرق
فيها بين لون وجنس وعرق ودين ، المسلم بجوار القبطي واليهودي واليوناني في المسكن والشارع
والعمل .
ولقد ظهر هذا جلياً إبان ثورة 1919 باتحاد الهلال
مع الصليب في وجه الاحتلال الإنجليزي الغاشم ، ضاربين أروع الأمثلة في التضحية والفداء لأجلائه
عن أرض الكنانة [مصر] حتى كان ، وتحقق المراد من رب العباد .
وها نحن اليوم على الدرب سائرون، وعلى العهد باقون ، بالترابط والصمود والتحدي في وجه
الإرهاب الأسود البغيض ، الذي يدمي قلوبنا حسرة ، باختطاف ارواح ابناءنا وفلذات اكبادنا ، بين
الحين والآخر ، والذي لا يبتغي لنا
سوى الدمار والخراب والعبث بمقدراتنا، حتى لا
تنهض [مصرنا]
فالإرهاب فوضوي النزعة بطبيعته ، ومنذ نشأته له
تركيبة عقائدية ممجوجة ، ترعرع فيها واعتبرها بيئته الخصبة الذي ينتهجها سبيلاً لدنياه وآخرته .
قال عز وجل [ ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون ]
وأدلل على ذلك بالمصاب الفادح الجلل ، الذي فجعنا فيه سواسية وعاشته [مصرنا] الحبيبة منذ
أيام باستشهاد أحد ابطالنا- الرائد/ مصطفى عبيد
خبير المفرقعات – بإدارة الحماية المدنية بالقاهرة
– شهيد الوطن والعمل والواجب ، اثناء حماية أخوته الأقباط والزود عنهم ، بعد تلقيه بلاغاً
بوجود قنبلة في محيط كنيسة ابو سيفين- عزبة الهجانة مدينة نصر- وذلك اثناء محاولة ابطالها
وتفكيكها ، ولكن القدر كان محتوماً وأسرع منه ليتلقى جسده الطاهر الزكي الانفجار ، وتفيض
روحه إلى بارئها تلبية لنداء ربها[ يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي
في عبادي وادخلي جنتي]
تضحية وفداء بروحه ودمه وحياته، للمئات من
أخوته وأخواته الأقباط ، اثناء الاحتفال بعيدهم المجيد ، ليمنحهم بهجة الحياة الدنيا مستشهداً في
سبيلهم ، ويفوز بنعيم الحياة الآخرة ، ولم يدور بخلده ولو للحظة ، من هم الذي يدافع عنهم
ويفتديهم ، أقباط كانوا أو مسلمين ، كما يصور الخيال المريض لخفافيش الظلام وقوى الشر من
الإرهابيين .
فنحن بنيان واحد ، وجسداً واحد ، نشكل جدار
الأمن والأمان ، والحصن الحصين في كل عصر، لأم الدنيا الغالية [مصر]
قال تعالى [ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً ، بل احياءً عند ربهم يرزقون]
ولقد زاد من الشعر بيتاً ، فضيلة الأمام الأكبر/ أحمد الطيب-شيخ الأزهر-آنذاك في الاحتفال
بافتتاح مسجد[ الفتاح العليم- والكاتدرائية ] بالعاصمة الإدارية الجديدة , بالتبادل مع قداسة
البابا/ تواضروس ، ليرسموا أروع لوحة للتآخي
والمحبة والأمن والسلم الاجتماعي .
متحدثاً لا فض فوه في بلاغة بليغة ، أن الدين الإسلامي الحنيف والشرائع السماوية السمحة
نصت على حماية الأقباط والزود عنهم وعن ممتلكاتهم في كل وقت وحين ، فالدين لله ،
والوطن للجميع.
المسجد يعانق الكنيسة في تبلوه مرئي محسوس،
والقبطي بجوار المسلم كالبنيان المرصوص، الكل في خندق واحد متحدون مترابطون متماسكون
في السراء والضراء ضد قوى الشر
والظلام ، لن يستطيعوا مهما أوتوا من قوة ،ومهما
بلغ ما بهم من وضاعة وتدني وانحطاط اخلاقي وعقائدي، ومهما حاكوا من مؤامرات شق صفهما ،
لن يفلحوا ، فهم آل غدر وشقاء، ونحن آل اخلاص ووفاء ، وديننا الإسلامي ، دين سماحة ووسطية،
لا مغالاة و شططية ، فمن يجمعهم الله ، لا يفرقهم البشر.
والقول الفصل، يا مدعوا الإسلام كفاكم متاجرة بالدين ، موتوا بغيظكم لتوحدنا ، عليكم اللعنة في
كل وقت وكل آذان، فالدين الإسلامي منكم ومن افعالكم براء .
نسأل الله العلي القدير الذي لن تطيب الدنيا إلا بذكره ،ولن تطيب الآخرة إلا بعفوه ، ولن تطيب
الجنة إلا برؤيته ، أن يحتسب كل من يسقطون بيد الغدر من الشهداء سواء على الجبهة الداخلية أو
الخارجية من الأبرار وأن يشملهم بواسع رحمته التي وسعت كل شيء.
وتحية حب وإجلال وتقدير لجميع الأخوة الأقباط داخل مصر وخارجها ، بمناسبة اعيادهم
المجيدة [ويحيا الهلال مع الصليب]

اترك رد

آخر الأخبار