وادى الملوك
إيمان العادلى
(الجزء الأخير)
تحدثنا سابقآ فى الأربعةأجزاء السابقين عن وادى الملوك وتعريفه وأين يوجد وتكلمنا عن طبيعة المكان وتكوينه وتاريخه واليوم نكمل ما سبق كيفية أكتشاف الوادى
أستكشاف الوادي
منظر عام للوادي الشرقي يظهر مدخل مقبرة توت عنخ أمون.تعتبر منطقة وادي الملوك واحدة من أكبر مناطق الاستكشافات الأثرية المتعلقة بعلم المصريات على مدار القرنين الأخيرين بعد أن كانت مجرد مزارا سياحيا في العصور القديمة (خاصة أيام العصر الروماني)، كما كانت هذه المنطقة شاهدا على التحول الذي طال منهجية دراسة تاريخ مصر القديمة والذي بدأ من سرقة الآثار ونهب المقابر حتى وصل إلى ما عليه الآن من استكشافات علمية أزاحت الستار عن مدينة طيبة الجنائزية بأكملها وعلى الرغم من هذه الاستكشافات كلها إلا أنه لم يتم توثيق أكثر من إحدى عشر مقبرة بشكل كامل بعد معرفة كل التفاصيل المتعلقة بها وبأصحابها.وتحوي العديد من المقابر نقوشا على جدرانها خلفها السائحون منذ زمن بعيد حيث حدد الباحث چول بايليه أكثر من 2100 نقشا على جدران المقابر باللغتيناللاتينية واليونانية علاوة على عدد أقل من النقوش بلغات أخرى مثل الفينيقية والقبطية وبعض اللغات الأخرى ووجد أغلب تلك النقوش في المقبرة مقبرة 9 والتي عثر فيها على قرابة الألف نقش يرجع تاريخ أقدمها إلى حوالي عام 278 ق.م.
وبحلول عام 1799 تم رسم أول خريطة لمواقع المقابر المكتشفة حتى ذلك الوقت ويرجع هذا العمل لعلماء الحملة الفرنسية على مصر وخاصة دومينيك ڤيڤانت كما لوحظ لأول مرة وجود الوادي الغربي (حيث حدد كلا من پروسپير چولواه وإدوارد دو ڤيلييه دو تيراچ موقع مقبرة أمنحتب الثالث والمعروفةبالمقبرة 22) كما ضم وصف مصر مجلدين من أصل أربعة وعشرين مجلدا يحويان تدوينا كاملا لملاحظات علماء الحملة ووصفهم للمنطقة المحيطة بطيبة واستمرت الحملات الكشفية الأوروبية بعد هذا التاريخ مع أوائل القرن التاسع عشر بدافع من نجاح شامبليون في فك رموز كتابة اللغة الهيروغليفية فبدأت الحملات الكشفية بقيادة بلزوني موكلا من قبل هنري سولت وبالفعل تمكن بلزوني من أكتشاف العديد من المقابر منها مقبرة خپر خپرو رع آي بالوادي الغربي (مقبرة 23) عام 1816م ثم مقبرة سيتي الأول (مقبرة 17) في العام التالي ومع نهاية زيارته للمنطقة أعلن بلزوني أن ما تم العثور عليه خلال هذه الحملة الأستكشافية هو أقصى ما يمكن العثور عليه ولم يبق شيئا آخر ذو قيمة للتنقيب عنه ويذكر أن في تلك الأثناء نفسها كان القنصل العام الفرنسي برناردينو دروفيتي(غريم بلزوني وسولت) يعمل بشكل منفرد هو الآخر في نفس منطقة البحث ومع إعادة تولية جاستون ماسبيرو لرئاسة مصلحة الآثار المصرية تغير أسلوب التنقيب في الوادي، حيث قام ماسبيرو بتعيين هوارد كارتر رئيسا للمفتشين بمصر العليا،و بالفعل نجح الشاب في اكتشاف العديد من المقابر الجديدة علاوة على مساهماته في الكشف عن المقبرتين مقبرة 42 ومقبرة 20مدخل مقبرة حورمحب بعد اكتشافها مباشرة عام 1908م ومع إشراقة فجر القرن العشرين نجح المحامي الأمريكي ثيودور ديفيز في الحصول على إذن بالبحث والتنقيب في المنطقة من الحكومة المصرية، ونجح فريقه بقيادة عالم المصرياتالبريطاني إدوارد راسل آيرتون في الكشف عن العديد من المقابر الملكية والغير ملكية (منها المقبرة 43 والمقبرة 46 والمقبرة 57) كما نجحوا في العثور على دلائل لجبانة عصر العمارنة في المقبرة 55 بعدها قاموا باستخراج ما تبقى من آثار توت عنخ أمون المدفونة من المقبرتين مقبرة 54 ومقبرة 58 وأعلنوا بذلك نهاية الاستكشافات بوادي الملوك إلى الأبد وعدم إمكانية العثور على أي آثار أو مقابر أخرى وجاء هذا في الكتاب الذي قام ديفز نفسه بنشره عام 1912م تحت عنوان مقابر حورمحب وتوت عنخ أمون مذيلا الكتاب في صفحته الأخيرة بتعليقه على الاستكشافات الأخيرة: أعتقد أن وادي الملوك قد أستنفد تماما وبعد وفاة ديفيز مطلع عام 1915 م حصل جورج هيربرت (إيرل كرنرفون الخامس) على حق امتياز البحث والتنقيب في وادي الملوك وقام بتعيين هوارد كارتر على رأس فريقه من المستكشفين وبالفعل تمكن الفريق من العثور على المقبرة الحقيقية لتوت عنخ أمون والمعروفة بالمقبرة 62 في نوفمبر من عام 1922م وأستمرت العديد من البعثات الكشفية في التنقيب والبحث حتى وقتنا الحالي مضيفة العديد من المعلومات والحقائق عن هذه المنطقة حتى جاء مشروع تخطيط طيبة عام 2001 م وقام بوضع العديد من اللوحات الإرشادية التي تقدم الكثير من المعلومات والخرائط للمقابر المفتوحة
أتمنى لكم قراءة سعيدة لأجزاء وادى الملوك الخمسة