( لايوجد في الحياة من هو اكثر رقة و ظلما لنفسه من المكتئب )
– المكتئب هو اكثر البشر ظلما لنفسه ، لأنه يحمل عوامل فناءه داخله ، فهو يحملها أينما حل او إرتحل ، يغير مكانه لكن لا يحمل معه الا نفسه المتألمة المتوجعة ، فتبكي روحه دما و يذرف الدموع و هو يعلم أنه يسكبها في ارض قاحلة لن تنبت له راحة ، يصل ليله بنهاره و هو لا يفرق بين ظلام حالك او فجر منير ، فحياته كلها شقاء ، لا فرق بين يومه و غده و حاضره و مستقبله ، و اكثر ما يتمناه ان يفارق دنياه دون ان يزهق روحه بيده ، حتي لا يخسر آخرته مع دنياه المفقودة.
– اكثر او كل المكتئبين لهم قصة مع الحياة القاسية ، لم تستطع نفوسهم الرقيقة ان تتحمل وقعها عليها ، فجعلت منهم بقايا بشر ، يدخل الهواء الي جوفهم و يخرج أنفاسا ، تحمل جزءا من ارواحهم ، و كأنهم ينتهون قطرة قطرة ! حتي اذا فنت انفاسهم ، نزفت معها آخر قطرة من أرواحهم .
– قصص المكتئبين او كلها ، تتفق علي معالم متشابهة ! نفس تفانت في حب او خدمة طرف آخر لم تجد منه الا كل جحود و نكران ، او نفس عظيمة قصرت بها همتها ، ان تحقق هدفًا ساميًا ، فهي لا تستطيع ان تحققه و لا تستطيع ان تتخلي عنه ؟!.
– المكتئبين ضحايا قصص متشابهة ، فبين والد فقد ولده في ريعان شبابه و لم تكتحل عينه بيوم عرسه ، فزفه الي قبره ليدفن قلبه او جزءا منه مع جسد وليده ، أو أم رءوم عاشت لأولادها فلم تجد الا كل جحود و عقوق و هجران ، أو محب تعلق قلبه بمن يحبه ، و لا يستطيع ان يصعد اليه في سماءه ، و لا هي تنزل اليه في أرضه ، لان من يحبها أعلي منه منزلة اجتماعية أو وضع مالي .