لقد كان السلف الصالح يستقبلون رمضان قبل أن يأتي بستة أشهر
ويفرحون بقدومه، فكانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم،
وكانوا يضربون أروع الأمثلة في أحوالهم في شعبان كيف كانوا يستقبلون رمضان فكانوا
يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة
والنميمة والكذب، وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، كانوا يتعاهدون فيه الفقراء
والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام
وفي زماننا تتغير حياة الكثير من المسلمين في شهر شعبان ورمضان ويتعاملون مع شهر
رمضان على أنه شهر الكسل والراحة، بالرغم من أن الله فرض الصيام في شهر رمضان
لتقوية العزيمة والصبر على الجوع والعطش والشهوات، ومحاسبة النفس، إلا أن البعض
يتكاسلون ويهملون أداء أعمالهم في هذا الشهر بحجة أنهم لا يستطيعون العمل أثناء الصيام.
إن كثيراً من المسلمين اليوم جعلوا من شعبان رمضان مرتعاً للنوم طوال النهار بلا صلاة، وليلهم يغرقونه بالوقوف أمام شاشات القنوات الفضائية في متابعة المسلسلات واللا مفيد.
والحقيقة أن شهر شعبان ورمضان ليس للخمول ولا لنوم ولا للكسل، ولكن شهر شعبان للعمل لاستقبال رمضان ام رمضان فهو شهر جهاد وعبادة ودعوة وعمل؛ لذلك ينبغي للمسلم أن يستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد، وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.
فينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم، فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات، وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (88-89) سورة الشعراء.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.