نظرة حول الموقف التشريعي والقضائي في اليمن لمواجهة وباء كورونا
بقلم القاضي – معمر أنعم الوهباني
سأقدمُ لمحلةً فيما يتعلقُ بالجانبِ القانوني والقضائي لمواجهةِ وباءِ كورونا في اليمن، ونتناولُ ذلك من الناحيةِ التشريعيةِ والقضائية.
فمن الناحيةِ التشريعية:
بالرغم من حداثة هذا الوباء، غيرَ أن المشرعَ اليمني نظمَ صراحةً في قانونِ الصحةِ لعام 2009 (الطوارئ الصحية)
للجائحةِ العالميةِ من الناحيةِ الإجرائيةِ والجنائيةِ والمدنيةِ.
فمن الناحيةِ الإجرائيةِ : نظمَ المشرعُ اليمني الطوارئ الصحية، بشكلٍ مفصلٍ فيما يتعلقُ بالجائحةِ العالميةِ،
وعرفها بوباءِ عالمي، ينتشرُ عبرَ مساحةٍ وسعةٍ جداً وتصيبُ نسبةً كبيرةً من التجمعاتِ السكانيةِ.
كما نظمَ أحكامها، وإجراءاتِ الحجرِ الصحي والعزل، وتعقيمُ المركباتِ، وإغلاقِ المناطقِ الموبوئةِ، وحق وضع
اليد على اللأماكنِ والمبانيِ، وإجراءاتِ الدخولِ إليها، وحق وضعِ اليد على الجامعاتِ والمدارسِ والمستشفياتِ
الحكوميةِ والخاصةِ، وتحويلَها إلى محاجر صحية، وتخصيصِها لمعالجةِ المصابين.
وأوجبَ القانونُ على الوزارةِ الإعلانَ عبرَ وسائلِ الاعلامِ عن الجائحةِ وعليها اتخاذُ التدبيرَ الوقائيةَ لمنعِ إنتقالهِ،
ومنَحَ الوزارة صلاحيات واسعة جداَ في مواجهةِ الجائحة، ويمكن تسمية تلك الإجراءات بالطورئِ الصحية.
أما من الناحيةِ الجنائيةِ : فهناك جرائمٌ مرتبطةٌ بحالةِ الطوارئ الصحية وردت في قانونِ الصحةِ منها
:
1) جريمة إخفاءُ مُصابِ بمرضٍ معدي عن قصد.
2) جريمة تعريضُ شخصٍ للعدوى بمرضٍ وبائي.
3) جريمة التسببُ بنقلِ العدوى للغيرِ عن قصدٍ.
4) جريمة إمتناعُ الشخصِ عن تنفيذِ أي إجراءٍ طُلبَ منهُ لمنعِ تفشي العدوى.
5) استعمالُ الاماكنَ والموادَ والأشياء الموبوئةَ التي يُحتملُ ان تنقلَ العدوى.
6) جريمةُ وضعُ موادٍ او اشياءٍ أو أماكنٍ موبوئةٍ في متناولِ الغير وتحتَ تصرفِهم وجميعُ تلكَ الجرائمِ السابقةِ
يعاقبُ عليها بالحبسِ لا يزيدُ عن سنةٍ أو بالغرامة.
7) جريمة إمتناعُ الطبيب أو المستشفى بالإبلاغ عن
وجود مصابٍ أو وفاةٍ بمرضِ وباءِ كورونا.
8) الظرفُ المشددُ في حالةِ العودِ : في الجرائمِ المرتبطةِ
بوباءِ كورونا بمضاعفة العقوبة أي بما لا تزيدُ عن سنتينِ سجنٍ، إو الغرامة، والتي تضاعفُ بما لا تزيدُ عن ستمائةِ الفِ ريال.
9) جريمةُ نشرِ أخبارٍ غيرِ صحيحةٍ بخصوصِ وباءِ كورونا فهي مجرمةٌ وفقَ قانونِ العقوباتِ الذي يجرمُ نشرَ أخبارٍ
تثيرُ الرعبَ بين الناسِ وفقَ المادةِ وعقوباتُها الحبسِ الذي لا يزيد عن ثلاث سنوات سجن.
وهذهِ النصوصُ السابقةُ بخصوصِ الجائحة، تشيرُ إلى مدى نضجِ المشرعِ اليمني لاحتمالية وجودِ وباءِ عالمي.
أما من الناحيةِ المدنيةِ : نصَ المشرعُ اليمني في قانون الصحة الصحة العامة على أن تتحملَ الدولةُ والمجتمعُ
التكاليف وفقَ نصوصِ الدستور، وعلاجُ المصابِ يكونُ على نفقةِ الدولةِ وليسَ المصاب، وأن تحريزَ الاماكنِ يكونُ مقابلَ تعويضٍ عادلٍ.
ـــ كما تقوم تقومُ مسؤليةُ المصابِ عن الأضرارِ التي تسببَها في حالةِ نقلهِ العدوى للغيرِ بخطأٍ منهُ وفقاً لقواعد المسئوليةِ التقصيرية.
أما من الناحيةِ القضائيةِ :
اتخذ مجلس القضاء الأعلى في اليمن خطوات منها :
1: قرر مجلسُ القضاءِ الأعلى في اليمنِ إلى اعتبار شهرِ
شعبانَ ورمضانَ إجازة ًقضائيةً، حتى لا يترتبُ على ذلك اشكالياتٌ بخصوص مدةِ الطعون.
2: كلفَ مجلسُ القضاءِ الأعلى المحاكمَ بتكليفِ قاضي في كلِ محكمةٍ لنظر القضايا المستعجلةَ مع اتخاذ الإجراءاتِ
الاحترازية من لبسِ الكمامةِ والتباعد الاجتماعي.
3: وجه بالإفراجِ عن المحبوسينَ في القضايا غيرِ
الجسميةِ وتم الإفراجُ عنهم بالضمان.
أما بخصوصِ المحاكماتِ عن بعدٍ :
فالظروف الصحية المتعلقة بالوباء والأمنية التي تمر بها اليمن تستدعي إجراء التقاضي الإكتروني ، حيث لم يتم
اجراءَ محاكماتِ عن بعدٍ، بسببِ عدمِ توفرِ البنيةِ التحتيةِ المتعلقةُ بالتقاضي الإكتروني، وعدم وجودِ نظامِ الربطِ
الشبكي، وهنا نتطلعُ من مجلسِ القضاءِ إلى التنسيقِ مع وزارةِ العدلِ ورؤساءِ المحاكمِ الاستئنافيةِ والابتدائيةِ
حولَ نظامِ التقاضي الاكتروني، وتشكيلُ لجنةٍ من القضاةِ والقانونيينَ لإعدادِ رؤيةٍ عمليةً حولَ التقاضي عن بعد،
والقيام بتوفير الإمكانيات اللازمة من الأجهزة وغيرها وتدريب الموظفين والقضاة.