العاصمة

مقابر أعدت لتشريح  كتبت د/ نجلاء كثير

0

الشرقية

هى مقابر أعدت لكشف غموض الجرائم !!! وعالم الجريمة ومافيها من غموض حول عمر وفاة الجثة وفى

اى مكان وضعت وهل نقلت فى مكان آخر غير هذا وما إلى ذلك !!!


وكذلك لفهم مراحل عملية التحلل !!!


وما يتم فى هذه المراحل لتلك الجثث .


مزرعة الجثث، أكثر الأماكن رعبا …

في حقل مفتوح، تمتد الأعشاب التي تحفها المزروعات، وتبدو هذه المساحة من بعيد مكانا مغريا

للمشي…


لكن هذه الأعشاب- التي نمت لارتفاع يزيد على متر بالمقارنة بالأعشاب القريبة منها – وصلت إلى هذا

الارتفاع بفعل بقايا الجثث البشرية المتحللة على مدار أسابيع…


و في الأيام المشمسة، ومع ارتفاع الحرارة والرطوبة، تشتد رائحة التحلل كلما اقتربنا من موقع هذه

الحشائش، لدرجة تهيج الدمع في العيون.


وفي هذا الحقل، ثمة 15 جثة بشرية، كلها بلا أكفان، بعضها محاط بأقفاص معدنية، وبعضها مغطى بأكياس

بلاستيكية زرقاء، وآخرى في قبور مكشوفة. وبشكل عام، كل الجثث معرضة لعوامل الطبيعة.

وكل جثة محاطة برقعة من الحشائش الميتة،يفترض أن تنمو بسرعة بفضل المغذيات الجديدة.


كيميرلي تدرس مراحل تحلل الجثة منذ لحظة الوفاة وحتى تحولها إلى عظام.

وهذا الحقل بمثابة مختبر تشريح أنثروبولوجي مفتوح، تديره جامعة كاليفورنيا الجنوبية في منطقة ريفية

بالقرب من منطقة تامبا، بالقرب من سجن المقاطعة.

ويطلق الناس على هذا المكان اسم “مزرعة الجثث”، لكن العلماء يفضلون تسميته بـ “مقبرة التشريح”،

لأن الهدف منه هو دراسة ما يحدث للكائنات الحية بعد موتها.

وهو مكان مخصص للعلم، رغم أن ما يحدث لهذه الجثث ينافي كل الشعائر المرتبطة بالموت.

هذه المزرعة تحديدا افتُتحت عام 2017، وكان يُفترض أن يكون موقعها في هيلزبرا، لكن السكان المحليين

عارضوا الفكرة، خشية أن تجذب الجثث الحيوانات المفترسة وتنشر روائح كريهة، ما من شأنه التأثير سلبا

على أسعار العقارات في المنطقة.

والمخاوف لا تقتصر على السكان المحليين، فبعض العلماء أعربوا عن شكوكهم في جدوى “مزارع الجثث”،

وما إذا كانت لها أي أهمية.

جثث داخل أقفاص حديدية…


بعض الجثث تُحاط بأقفاص حديدة لمنع الجوارح من الوصول إليها.

وهذه ليست المزرعة الوحيدة، فهناك ست مزارع أخرى في الولايات المتحدة و في ألمانيا. كما يجري

التجهيز لافتتاح مزارع مشابهة في أستراليا وكندا والمملكة المتحدة بنهاية هذا العام.

وحصلت جامعة فلوريدا الجنوبية على موافقة أصحاب الجثث المستخدمة في المزرعة قبل وفاتهم، أو موافقة ذويهم.

والهدف الأساسي من مزارع الجثث هو فهم طريقة تحلل جسم الإنسان، وما يتغير في بيئته المحيطة.

و يأمل العلماء أن يساعدهم ذلك على جمع معلومات هامة، من شأنها المساعدة في حل الجرائم

وتحسين اساليب الطب الشرعي في التعرف على الجثث.

البيانات المجمعة قد تفيد في التعرف على صور تقريبية لأصحاب الجثث المجهولة…


و تقول الدكتورة إرين كيميرلي إن الكثير من التغيرات تحدث فور وفاة أي شخص، “بدءا من عملية التحلل

الطبيعية، مرورا بظهور نوع معين من الحشرات، وانتهاءا بتغيرات في البيئة المحيطة”.

و ترى كيميرلي، وهي رئيسة معهد الطب الشرعي في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، وفريقها أنه يجب

دراسة جثث حقيقية تمر بعملية تحلل طبيعي، في بيئة حقيقية.

فهم عملية التحلل…


وصفت كيميرلي المراحل التفصيلية لعملية تحلل جسم الإنسان، وهي:

1- بعد الوفاة فوراً : إذ يتوقف نبض القلب، وتنخفض درجة حرارة الجسم، على إثر توقف سير الدم الذي

يبدأ في التكتل في أجزاء بعينها.

2- الانتفاخ: تتآكل الأنسجة الداخلية بفعل البكتيريا، ويتغير لون الجلد بشكل ملحوظ. ويبدأ تراكم الغازات في الجسم، فينتفخ وتتهتك الأنسجة الداخلية.

3- التحلل النشط: وهي المرحلة التي يفنى فيها الجزء الأكبر من جسم الإنسان. تكون أغلب الأنسجة

الداخلية قد تآكلت بفعل الديدان، أو تُسال وتنسكب في البيئة المحيطة.

4- التحلل المتقدم: تكون أغلب الأنسجة الداخلية قد تلاشت، وتتراجع أعداد البكتيريا والديدان والحشرات.

وإذا كان الجثمان على التربة، تموت الأعشاب والنباتات المحيطة وتتغير نسبة الأكسدة في التربة.

5- البقايا الجافة: يكون ما تبقى من الجسم أشبه بالهيكل العظمي. وأولى علامات هذه المرحلة تظهر

على الوجه واليدين والقدمين. وقد ينتهي الأمر بتحول الجثة إلى ما يشبه المومياء في البيئة الرطبة. وقد

تعود النبات للنمو بفعل العناصر العضوية المغذية التي سُربت للتربة المحيطة.

تحلل الأجسام له تأثير فوري على البيئة المحيطة به
لكن هذه المراحل ليست ثابتة، وتتغير بشدة حسب ظروف البيئة المحيطة.

وهذا بالضبط هو هدف البحث الذي تقوم به كيميرلي وغيرها من علماء الطب الشرعي في هذه المزارع.

و لدراسة العوامل المرتبطة بالأوضاع المختلفة، توضع بعض الجثث في أقفاص حديدية، وتترك أخرى مكشوفة.
ويراقب العلماء ما يحدث لهذه الأجسام أثناء التحلل، إذ تأكل الديدان الأنسجة الداخلية، وتخلف الجلد والعظم.
لكن الجثث غير المحمية تجذب الطيور الجارحة، مثل النسور والحيوانات البرية مثل الذئاب والقوارض الصغيرة.

وأحيانا تظهر الحيوانات الأكبر، مثل الجوارح التي بإمكانها إفتراس الجثث وإحداث ثقوب في الجلد، وتقطيع

العضلات وأعضاء الجسم، وحتى قلب الجثث للاستمرار في أكل الجانب الآخر منها.

علماء الطب الشرعي يتابعون الجثث بشكل يومي، ويسجلون ملاحظات دقيقة عن التغيرات التي تطرأ خلال مراحل التحلل
وتقول كيميرلي: “نحاول الحصول على أكبر قدر من المعلومات من كل حالة بقدر الإمكان”.

ويزور علماء الطب الشرعي المزرعة يوميا طوال عملية التحلل، ويوثقون التطورات التي تطرأ على كل

جثة، ويلتقطون الصور، ويصورون مقاطع فيديو، ويراقبون التغيرات ويدونون مشاهدات مفصلة.

كما يتابعون مكان ووضع الجثة، ما إذا كانت قريبة من المياه، فوق الأرض أو تحتها، داخل قفص أو بدون قفص.

وينضم للفريق علماء جيولوجيا وجيولوجيا فيزيائية، لتحليل ما يحدث للتربة والمياه والهواء والاعشاب والنباتات المحيطة، وتأثير المواد التي تفرزها الجثث على البيئة المحيطة بها.

وبعد تحول الجثث إلى هياكل عظمية، تُنقل إلى ما يُعرف في الطب الشرعي بـ “المعمل الجاف”. وهناك تُنظّف العظام وتُخزن، لتكون جاهزة لاستخدام الطلبة والباحثين.

جرائم غامضة…
علماء الجيولوجيا يجمعون عينات من التربة في المزرعة، فمعرفة طبيعة التغيرات التي تطرأ على التربة تساعد في التعرف على عمر الجثة في جرائم القتل
وتُستخدم المعلومات الناتجة عن الدراسة في تحقيقات الطب الشرعي والقضائي…
ويمكن للمعرفة التفصيلية بعملية التحلل أن تكشف عمر الجثة منذ الوفاة، والأماكن المحددة التي وُضعت فيها، وحتى ما إذا كانت نُقلت إلى أي مكان أو دُفنت في أي مرحلة.

كذلك يمكنها أن تقدم دلالات على أصول الشخص المتوفى، لتُستخدم هذه المعلومات – بجانب البيانات الجينية وتحليل العظام – في التحقيقات الجنائية وجرائم القتل الغامضة.

تحديات العمل مع الجثث…
قد يكون هذا الكم من الأبحاث صادما، لما ينطوي عليه من تعاملات مع الجثث، والموت، وتسجيل التفاصيل الدقيقة لما يحدث أثناء التحلل.
لكن كيميرلي تقول إنها لا تنزعج من ذلك “فالعالم المحترف يتعلم كيف ينأى بنفسه عن عمله”، في إشارة إلى الأفكار المحيطة بالموت.

الرطوبة تحول بعض الجثث إلى مومياوات
وأضافت أن الجزء الأصعب في هذه المهمة هو معرفة خلفيات الجثث التي تدرسها.

“فغالبا ما نعمل في تحقيقات جرائم القتل، والجزء الأصعب هو سماع قصص شديدة القسوة. والشيء المروع هو إدراك ما يمكن أن يفعل الإنسان بقرينه”.

وثمة حالات تتحدث فيها كيميرلي وفريقها لأسر فقدت أبناءها منذ عقدين أو ثلاثة، وما زالت تبحث عن جثثهم.
وهنا تقول إنها تشعر بقيمة عملها الذي قد يساعد في الكشف عن أي من جرائم القتل المجهولة في الولايات المتحدة منذ عام 1980، وعددها 250 ألفا.

واستقبلت هذه المزرعة 50 جثة من متبرعين منذ افتتاحها في أكتوبر/ تشرين الأول 2017. كما أوصى 180 آخرين بالتبرع بجثامينهم عند وفاتهم.
وأغلب المتبرعين من كبار السن. لكن الباحثين يرفضون المتبرعين المصابين بأمراض معدية، خشية تعرض العاملين في الدراسة للعدوى.

علم ناشئ وجدل حول الأخلاقيات…
بعض العلماء يرفضون هذا النوع من الدراسات وينفون أن تكون لها أي قيمة علمية
قد تقدم مزارع الجثث بيانات علمية هامة، لكن ثمة تحديات لمدى الفائدة التي تعود منها.

ويقول باتريك راندولف-كويني، خبير العلوم الحيوية والطب الشرعي بجامعة سنترال لانكشر بالمملكة المتحدة، إنه ثمة مشاكل كثيرة مرتبطة بإقامة مثل هذه المنشآت المفتوحة.
ورغم دعمه لطبيعة الدراسة التي تُجرى في مثل هذه المزارع، إلا أنه يشير إلى كونه علم ناشئ “وثمة الكثير من المتغيرات التي لا يمكن التحكم فيها، ونكتفي بمجرد مراقبتها. لذا، يصعب تفسير المعلومات التي يتم جمعها”.

ويرى راندولف-كويني إن التحدي الحقيقي يكمن في التحول من جمع بيانات أولية، إلى جمع معلومات يمكن وضع قواعد لها ومشاركتها داخل المجتمع العلمي.

كذلك تنضم سو بلاك، من جامعة لانكشر، لمعسكر الرافضين لمزارع الجثث، وتشكك في قيمتها البحثية، إذ تقول إن العينة مادة البحث صغيرة وتخضع لظروف شديدة التباين.

وأضافت أن هناك محاذير أخلاقية، وأوضحت في كتابها “كل هذه الرفات”، الصادر عام 2018، إن “الفكرة بائسة ومثيرة للاشمئزاز. وزادت صعوبة الأمر عندما دُعيت لجولة في أحد هذه الأماكن كما لو كانت مزارا سياحيا”.
لكن كيميرلي ترى أن هذا النوع من مختبرات الهواء الطلق لها مستقبل كبير، خاصة مع زيادة المنشآت الشبيهة حول العالم.
وأضافت: “أي شخص يفهم طبيعة هذا البحث وتطبيقاته العملية سيُدرك مدى أهمية (مزارع الجثث).

اترك رد

آخر الأخبار