في العرض المسرحي الثاني المشارك في المهرجان الأكاديمي الثالث المقام في المعهد العالي للفنون المسرحية، قُدمت مسرحية «مسافر ليل»، تأليف الكاتب المسرحي الكبير: صلاح عبد الصبور، وإخراج طالب الماجستير إبراهيم السمان – وهو العرض الذي يمثل أكاديمية الفنون في القاهرة – قدم فريق العمل دليل العرض على هيئة تذكرة قطار ليشركوا الحضور في صناعة الحدث المسرحي حتى قبل الدخول إلى صالة المسرح، وقد حرص الفريق على توزيع التذكرة (الدليل) على المشاهدين في فترة الانتظار قبيل الدخول إلى الصالة. وهو الأمر الذي هيأ الجميع لرؤية عمل يشرك المشاهد (المتلقي) في صياغة العرض فيصبح متلقياً إيجابياً. لكن المفاجأة كانت فور فتح الستارة، إذ ظهرت ديكورات تعتمد على المناظر المسرحية المرسومة في الخلفية والكواليس في مشهدية مسرحية تذكّر بمسرحيات القرن التاسع عشر.
حرص الممثلون على أن يلفتوا النظر إلى موهبتهم، وكما هو متوقع عند التعامل مع هكذا نص مسرحي لم ينزع الممثلون إلى المعايشة في أسلوبهم لأداء شخصيات العرض المسرحي، بل إلى تجسيدها بالارتكاز على الكاركترية والولوج إلى الداخل من خلال التركيز على الميزات الخارجية لكل شخصية. هذه الإيجابية في العرض كان بإمكانها أن تسمح للمشاهد بأن يبقى متيقظاً، لا يندمج بالعرض، بل يراقب ويفكر ويسقط ما يشاهد بأم عينيه من أحداث على ما يدور حوله في وسطه الاجتماعي الحقيقي، فيتخذ موقفاً منها. إلا أن تعمد الجري وراء الإضحاك والانشغال بذلك من قبل الرواة الاثنين تحديداً، أدى إلى التشويش على مخيلة المتلقي الإيجابي، فصار يندمج مع ما يلقى أمامه من «إفيهات» بدلاً من أن يتخذ موقف المراقب المحلل. فثار الضحك من دون مبررات تعتمد على المواقف والتناقضات، وغاب التفكير بواقع الحال المعاش، وابتعدت الرسالة المراد إرسالها عن غالبية الصالة، الأمر الذي جعل ظهور الخطيب في نهاية العرض المسرحي ليحض الناس على التفكير والمشاركة بتغيير الواقع والكف عن الصمت أمراً لا بد منه لتقديم رسالة العرض بشكل خطابي بعيد عن الدراما والدرامية.