لن أتزوج من الجن
بقلم/ محمد مصطفى أحمد
مصر
بيتنا تلفه أشجار باسقة كثيفة الأوراق تحول دون سقوط أشعة الشمس إلي الأرض.
مبانيه عتيقة فريد الطراز من نوعه تعاقبت عليه أجيال.
نشأنا صغارا بين جنباته نلهو ونمرح وكنا ما بين حجراته والحديقة نعبث بكل شيء.
نصعد الدرج مرات ومرات نتسابق وجدتي تتوعدنا فنجري ونضحك.
صوت البومة التي تقطن الاشجار كانت تخيفنا ليلا .
كبرنا وما كنا نراه بالأمس أختلفت رؤيتنا له اليوم .
ماتت جدتي وبقيت حكاويها التي كانت تخيفنا بها لننام عالقة في ذهني وحجرة جدي اشعر نحوها بالرهبة وخاصة عندما أنام وحدي.
وهذا يحدث قليلا عندما تتركني أمي لتقضي يومين عند أختي وزوجها في بلدة بجوارنا .
جدتي كانت تقول إن جدي مات لأنه أفشي السر وأبي حقت عليه اللعنة فمات هو الأخر .
أتذكر يوماً ما سألتها فقالت : كان جدك على صلة بالجن وكان يقضي ليالي في هذه الحجرة وبالليل كنت أسمع أصوات غريبة تخرج منها.
فأنام أنا ووالدك في حجرتك يا ولدي والرعب يملؤني فأخفي شعوري عنه لأنه كان طفلا لا يدرك شيئا.
مرت سنوات وسنوات وكبر الصغير
…. تقصدين أبي….
… نعم.
.. ذات ليلة إذا بجدك يخرج من حجرته مذعورا ويصعد الدرج وأنا خلفه. فرأيته ينظر إلى السماء ويشير بإصبعه إلي النجوم ويتمتم بكلمات لم أفهم منها شيئا .
نظر لي نظرة أخافتني فرأيت وجهه قد تغير وأخذ شكلا مرعبا .
جريت وأنا أصرخ ليتلقفني أبوك أسفل الدرج.
…لا تخافي
بقيت طيلة الليل لم أنم ومع ضوء النهار غشيني نعاس فنمت لم أشعر لأستيقظ على شجار ابيك وجدك وهو يقول سوف أجعلك تستريح وتعرف كل شيء.
دخلا الحجرة وتلصصت بالباب عساني أسمع حديثهم فلم أسمع غير صوت جدك وهو حذاري أن تبوح لأحد.
. …. وماذا جدتي
..هل حفظ السر
..لا يا بني…
تزوج أمك وكانت إمرأة لحوحة.
يوماً ما سمعته وجدك يخاطبه أن لا ينطق بكلمة واحدة حتى لا يؤذي .
فظلت وراءه حتى عرفت وليتها ما عرفت.
نفس الليلة قام جدك من جواري ودخل حجرته الخاصة وأغلق الباب وبعدها تعالت صيحاته وصراخه وصدرت من الداخل أصوات غريبة .
طرقتا الباب فلم يفتح والصراخ مستمر.
فما كان من أبوك الإ أن كسر الباب لنجده غارقاً في الدماء وكل جسده ينزف وعينه تدور في كل إتجاه ووجهه أزرق وظل على هذه الحالة حتى فارق الحياة.
وما أن مر أسبوعان حتى حملتك أمك ليلا وذهبت غاضبة إلي منزل أهلها .
نفس الليلة سمعت صراخ أبيك فجريت نحوه لأجده يعاني ما عاني أبوه من قبل ليموت نفس الميته .
شريط مفزع يدور في رأسي ولا يحلو له المرور الإ ليلا.
كيف تذكرت هذا وكيف أنام وحدي في هذا المنزل المرعب.
نعم منزل مرعب قتل فيه جدي وأبي وقد أقتل أنا.
… أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
أتت أمي مع إشراقة الصباح
..جلستا نتناول الفطور .
… أمي لدي إقتراح..
… تفضل حبيبي..
نبيع البيت ونشتري آخر لو حتى عند أختي.
تهلل وجهها ولم تعارض.
…. موافقة…
سرعان ما تم الأمر بسرعه وتركنا هذا المنزل بكل ما يحمل من حلو ومر الذكريات.
طويت صفحة لتبدأ صفحة جديدة.
إنه منزلنا الجديد ليس له حديقة لكنه مكون من طابقين وبمنطقة كلها حركة حتي الصباح .
أنام هنا وأشعر بالراحة حتى الأحلام تأتي في ثوب جديد .
الغريب أنه منذ قرابة الشهر هناك حلم يتكرر.
أري فتاة جميلة تجلس معي أسألها ما أسمك.
… مريم…
تظل تسامرني وتضحك فقمت من نومي سعيدا وأنتظر رؤيتها في ليلة أخري.
هذه الليلة جاءت ترتدي زي عروسة وبدت أكثر جمالا.
…لقد قابلت والدك وجدك وكم كانوا سعداء عندما عرفوا أننا سوف نتزوج.
… تقولين نتزوج…
نعم أنا وأنت.
أمي سوف تسعد بهذا الخبر لنذهب إليها.
….لا ليس الآن ..
وأختفت من أمامي.
فقومت من نومي أبحث عنها وأردد أسمها.
فإذا بأمي تسألني من مريم التي تحلم بها.
فضحكت وقلت مجرد حلم.
وقصيت لها ما يحدث وأن هذه الليلة تريد الزواج. ففزعت وقالت إياك يا ولدي.
… أمي إنه مجرد حلم..
…ليس حلما .
إنها مريم جدك.
إنها من الجن.
.لا تتزوج من الجن.
وصرخت بأعلي صوتها.
أبني لن يتزوج من الجن.
لن يموت مثل أبيه.
#محمد_مصطفي