العاصمة

كيف اقتحمت السينما ومفرداتها المنزل المصري

0

بقلم/ شيرين رضا

بعض الأقتباسات المشهورة التي تناولتها السينما المصرية وساد رنينها، ومعناها وسط المجتمع المصري.

مع انتشار العادات والاعراف زادت الامثال الشعبية والحكم التي اكتسبها الناس من

مشاهدة التلفزيون تلك الشاشة الصغيرة والعدسة المكبرة لما يحدث في العالم
والتي كانت همزة الوصل بينها وبين عقول المشاهد.

قال نيوتن منيو
( إن لم تعرف ما يجرى في التلفزيون فأنت تفتقد العالم)

إذاً ماذا يوجد خلف تلك الشاشة وماذا يحدث في العالم؟
قال روبرت فريزر المدير العام للتلفزيون البريطاني

« إن وظيفة التلفزيون تقام على مستوين اساسين
الأول وهو المستوى الفكري والذي يُبنى على ادرك المعرفة والثقافة والتعمق فيها

والثاني على المستوى العاطفي حيث يولد مشاعر وشعور بالعطف لدى المشاهد لاستدراجه لقلب الحدث

فقد كان للتلفزيون من نافذة ثقافية جذبت البعض له إلا إن كان له فئة اطاحت بذلك الفكر فيما بعد مما أكسبته صفة مميزة عن السينما بعد أن تناقل من خلاله الأفكار وما

تحتويه من رموز مشفرة وضعت بين السطور ليتلقاها المشاهد بعينِ متصفحة ويتناولها بدوره لتصبح مثال دائم في حياته

ومن تلك الاثار هي عرض بعض الافلام وترك بعض الحوارات والأفكار لدى المشاهد يتناوله في واقعه وبشكلِ سريع .. ومن تلك الامثال أو الجمل المتناول عرضها:

«جواز عتريس من فوادة باطل» تلك المقولة من فيلم شيء من الخوف للكاتب ثروت اباظة والذي نقل واقع بعض القرى التي وقعت تحت سيطرة اصحاب القوة من بعض

قطاع الطرق وذوي السلطة العالية ، واصبحت تلك الجملة حديث البعض عندما يتم رفض زفاف ما أو حتى بشكلِ كوميدي وصارت الجملة المشهورة في اغلب المناسبات

ونأتي لما هو مثير للجدل أكثر والذي حط من بعض العقول الغائبة عندما بدأ التلفزيون في نقل صور الشعبيات التي تنازلت عن مفهومها الاخلاقي، وصار لدى المشاهد قناعة

راسخة عن مفهوم تلك الأمثال كفيلم العار للكاتب محمود أبو زيد ومقولة نور الشريف الشهيرة

« الحشيش لو حلال ادينا بنشربه ولو حرام ادينا بنحرقه»
تلك المقولة والفكر المحترق اثار لدى الشباب البوح لفعل ذلك واكتسبوا تلك الجملة

كمبرر لما يقامون به وقناعة تامة لافتعاله ،وزاد في تلك الحقبة الكثير من الأفلام كفيلم الباطنية وفيلم الكيف ،والذي انتشر من خلاله الكثير من الأغاني الشعبية التي انتشرت

خلال عرضه لاول مرة وكان للمُشاهد دور في نشر تلك السلبيات من خلال بعض الافكار

المطروحة في الفيلم وكان منها حوار البطل محمود عبد العزيز مع أخوه والذي ظهر بدور الطبيب والفكر المعارض لتلك الفئة الأجتماعية

« وكان الحوار كالتالي:
محمود عبد العزيز/ احنا في عصر تفتيخ المخ

يحي الفخراني/ ومادام في عصر تفتيح المخ بتقفل مخك ليه بالهباب اللي بتشربه ده

محمود عبد العزيز/ يقفله!! ده أنا باداهبزه وداهرزه عشان بيرعش ويحنكش ويبقى أخر طعطعة
وانطلاقا من هنا نرى قناعة المشاهد الحقيقية في تقبل تلك الأفكار والسير على محاذاتها وكأنه نقل من الواقع لعقل المشاهد بدون ادراك

ولا ننسى الجمل السياسية والتي كانت موجودة وبكثافة في بعض الأفلام وانتشرت فيما بعد على ألسنة الناس كمثال ورمز سياسي وكان منها «

ما أصعب المبادئ هذه الأيام»
جملة أحمد ذكي في فيلم البيضة والحجر .. الفيلم الذي كان رمزا فلسفيا للقضاء على

الشكل السياسي والديني معا ومنه استطاع التطاول بتلك الافكار التي تبناها أن يثبت أن العقل من السهل خداعه والسيطرة عليه من خلال القناعة الحتمية في ضروريات

الحياة وأيضا فيلم الزوجة الثانية وجملة حسن البارودي وتفسيره للآية
« اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم .. انت هتكفر يا بني» تلك الآية اثارت

الجدل في عقول المشاهد ونرى هنا كيف تم التلاعب بالفكر والاصول الدينية بعقول مَن

هم مِن الضعفاء وكيف كانت للسلطة الحاكمة يدا تطاولت بها على الحقوق العرفية.
ومن اكثر الافلام إثارة في الجذب السياسي كلمة عادل أمام
« احنا بتوع الاتوبيس» تلك الجملة التي نادى بها اغلبية الشباب فيما بعد والتي كان لها جماهيرية فكرية
تشبث بها المواطن كرمز للظلم والتعذيب وكانت شكل من أشكال البشاعة البيروقراطية وما قد لا يعلمه الكثيرين إن الفيلم عن قصة حقيقية للكاتب الصحفي( جلال الدين الحماصي) من كتاب «حوار خلف الاسوار»
ولا ننسى جملة يسرا في فيلم معالي الوزير« مصر ميستخباش فيها سر أكثر من يومين» الفيلم الذي يظهر ضعف بعض القوة السياسية ومناصبها الفاسدة تلك الفوهة التي يتسرب منها اسم مصر كمثال للتخريب. وينغلق الباب هنا على الشكل والصورة الكاملة التي اكتسبها المواطن من التلفزيون بجملة الفنان حمدي أحمد لدوره في فيلم القاهرة ٣٠ « طظ» تلك الكلمة اصبحت رائجة إلى الأن وكأنها هامش وسخرية واستهانة من قيمنا وحتى اخلاقنا.
ونتساءل:
هل يعكس التلفزيون الصورة الواقعية والعمق الحياتي الذي نعيشه
بعيدا عن بؤرة احداثه؟
أم تم التلاعب بعقولنا الصغيرة ليتم غرس بعض الحكم والصور الزائفة والتي من خلالها تم بث تلك الافكار والتي نشرناها بدورنا لتكون أسس ومراجع لكل ما يحدث في مصر من شعبيات وثقافات وصور واقعية، اجتماعية وسياسية واقتصادية ادت أن تكون اداءة لجهاز التلفزيون ليتحكم في بثه الينا مباشرة.

اترك رد

آخر الأخبار