كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها
بقلم / محمــــــد الدكـــــــرورى
أمرنا النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أن نزور القبور
حتى نأخذ منها العبره والعظه وننظر الى من هم كانوا احياء على وجه الارض وكان منهم القوى والضعيف ومن
بينهم العزيز والذليل ومن بينهم الغنى والفقير ومن بينهم صاحب الجاه والسلطه والسلطان فهم الان تحت التراب
والكل سواء وانهم لم يخرجوا من هذه الدنيا بشئ سوى اعمالهم التى عملوها فى هذه الحياه وروى الحاكم عن
أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنه يرق
القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هُجْرًا) (حديث حسن)
وروى الترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذِكْرَ هاذم اللذات) يعني الموت؛
(حديث حسن صحيح) وقال أبو الدرداء: (مَن أكثر من ذكر الموت، قل حسدُه، وقل فرحُه) و قال عمار بن ياسر: كفى
بالموت واعظًا، وكفى باليقين غنًى، وكفى بالعبادة شغلًا؛
و شكَتِ امرأة إلى عائشة رضي الله عنها قساوة في قلبها،
فقالت لها: أكثري من ذكر الموت، يرق قلبك، ففعلت، فرق قلبها، فجاءت تشكر عائشة؛
وقال كعب الأحبار: مَن ذكر الموت، هانت عليه المصائب؛
وقال الحسن البصري: فضح الموت الدنيا، فلم يدَعْ لذي
لب فيها فرحًا، وما ألزم عبدٌ قلبه ذكر الموت إلا صغُرت الدنيا عليه، وهان عليه جميع ما فيها؛
وقال الأوزاعي: ما أكثر عبدٌ ذكر الموت إلا كفاه اليسير؛
وقال عبدالأعلى التيمي: قطع عني لذة الدنيا: ذكر الموت،
والوقوف بين يدي الله تعالى؛
وقال الدقاق: مَن أكثر ذكر الموت، أُكرم بثلاث: تعجيل
التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسيه، عوقب بثلاث: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في
العبادة؛ ويجب علينا الاستعداد للموت بالتوبة الصداقة:
فيجب على المسلم أن يستعد للموت بالتوبة الصادقة،
والمحافظة على أداء الفرائض، واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جميع الأقوال والأفعال.
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ وقال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ أي: توبةً صادقةً جازمةً، تمحو ما قبلها من السيئات، وتلمُّ شعث
التائب وتجمعه، وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات؛
ولكن هناك شروط التوبة الصادقة: فقال الإمام النووي
(رحمه الله): قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق
آدمي، فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدًا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصحَّ توبته، وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي، فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من
حق صاحبها، فإن كانت مالًا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حدَّ قذف ونحوه، مكَّنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت
غِيبةً استحله منها، ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها، صحت توبته عند أهل الحق من ذلك
الذنب، وبقي عليه الباقي .. فاللهم توب علينا لنتوب ونقنا من الذنوب يا رب العالمين