كلمة الدكتور الهلالى الشربينى تحت عنوان: استشراف المستقبل عبر مفاهيم التنمية المستدامة لتحقيق الأهداف والتميز الإدارى
متابعة على صبرى
وذلك فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة الدولى التاسع المنعقد بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة
بعنوان:التميز الإدارى فى المؤسسات التعليمية كسبيل
لاستشراف المستقبل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ،
كلمة أ.د الهلالى الشربينى الهلالى
أستاذ تخطيط التعليم بجامعة المنصورة
وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق
– المنصةالكريمة
– الحضور الكريم
السلام عليكم ورحة الله وبركاته
بداية أود أن أعبر عن خالص شكرى لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة على إقامة هذا المؤتمر المهم ، وحيث إن هذ المؤتمر يتناول موضوعًا غاية فى الأهمية ألا وهو: استشراف المستقبل عبر مفاهيم التنمية المستدامة لتحقيق الأهداف والتميز الإدارى ، ، فإننى أود أن أوجه كلمة إلى هذا الجمع المتميز من العلماء الأجلاء والباحثين النابهين حول: (( التميز الإدارى كسبيل لاستشراف المستقبل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى المؤسسات بصفة عامة وفى مؤسسات التعليم بصفة خاصة ))
السيدات والسادة الكرام
نحن نعيش اليوم فى عالم ديناميكى متغير لا شئ فيه ثابت أو دائم ، عالم تسوده من ناحية ثورة تكنولجية ومعلوماتية غير مسبوقة،ومن ناحية أخرى تسوده آزمات طاحنة وتحديات متنوعة: تعليمية، وبيئية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وعسكرية ، ويمكن إجمال بعض تلك التحديات والأزمات التى فرضها النظام العالمى الجديد فى القرن الحالى والتى تركت وما زالت تترك انعكاسات جد خطيرة على كل المؤسسات فى العالم العربى ، على النحوالتالى :
– تطور علمى وتكنولوجى هائل، وإنتاج رأسمالى ضخم، وترسخ لمفهوم العولمة.
– إستحواذ أكثر من دولة غير عربية فى النطاق الإقليمى على أفضل المختبرات، والعلماء، وتحقيق تقدم علمى وتكنولوجى هائل ربما صار يهدد أمن المنطقة بأثرها
– عدم قدرة الدول العربية على مواكبة ما يحدث فى العالم بصفة عامة ، وما يحدث فى دول الجوار غير العربية بصفة خاصة من تطورات علمية وبحثية.
– تصاعد حركة التنافسية الدولية ، و صدور تقاريرها بشكل منتظم سنويًا، والاعتداد بنتائجها من قبل القوى التى تقود حركة العولمة والهيمنة والسيطرة فى العالم.
– تطور دور التكنولوجيا فى تسيير عمل المؤسسات والمنظمات، حتى صار لا يقتصر على القيام ببعض العمليات ،وإنما صار يدير المنشأة بكاملها.
– التحول الدولى نحو الرقمنة وما فرضه ذلك على المؤسسات من تحديات.
– إنتشار برامج وتطبيقات الذكاء الإصطناعى حتى صارت تحاكى العقل البشري فى التفكير، والاكتشاف ، والاستفادة من التجارب السابقة.
– ظهور الحوسبة السحابية وزيادة أهميتها فى كل المجالات ومنها إدارة المؤسسات.
السيدات والسادة
فى ظل هذه التحديات، لكى تتبوأ أى دولة مكانتها في مصاف الدول الناجحة، تظل مؤسسات التعليم هى السبيل لبناء شخصية الفرد القادر على التعامل مع تلك التحديات، وتحقيق نقلة نوعية في الإنتاج، والاقتصاد، والتحول السياسي والاجتماعي المتوازن ، مع الحفاظ على قيم المجتمع وثوابته الوطنية.
وإذا كان التعليم من هذا المنطلق يعد من أهم وظائف الدولة وأكثرها خطرًا بحسبانه أداتها الرئيسة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تنمية القيم الخلقية والتربوية وغيرها لدى النشء والشباب، فنحن فى ظل تحديات القرن الحالى وأزماته في حاجة ماسة إلى استلهام رؤية جديدة للتعليم تعتمد على مبدأ المساواة في الفرص التعليمية باعتبار أن هذا المبدأ حق من حقوق الإنسان، وعنصر رئيس فى تحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
الحضور الكريم
يشهد العصر الحالى تطورًا كميًا وكيفيًا هائلاً للمعرفة الإنسانية بغض النظر عن كونها تمثل حاجة إنسانية أم لا ، حتى أنه صار من الصعب الإلمام بهذا الكم من المعلومات والمعارف ، ومن ثم ظهرت حاجة ماسة لتحديد مهارات الحصول على المعلومات وكيفية تقييمها واستخدامها بكفاءة لتحقيق التنمية المستدامة.
و التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتهم.ونظرًا لأهميتها فقد كانت محل اهتمام من قبل منظمة اليونسكو على امتداد العقود الثلاثة الماضية ؛ حيث عقدت لها عدة مؤتمرات عالميه منها:
-مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية فى عام1992 بالبرازيل،
– مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة فى عام 2002 بجنوب أفريقيا،
– مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بالبرازيل أيضًا عام2012
-مؤتمر اليونسكو للتعليم من أجل التنمية المستدامة باليابان عام2014
– كما اعلنت الأمم المتحدة عقدًا للتعليم من أجل التنمية المستدامة بين عامي2005 و2014، ثم أتبعته ببرنامج جديد للتنمية المستدامة بعنوان: تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030
و تم فيه تحديد (17) هدفاً و(169)غاية وحوالي(230) مؤشرًا تغطي الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وهي: النمو الاقتصادي، والإندماج الاجتماعي، وحماية البيئة إلى جانب مجالات أخرى تتعلق بالعدالة والسلام والحوكمة الرشيدة .
وفى إطار توقيع مصر على ذلك البرنامج ، أطلقت الحكومة المصرية في فبراير 2016 إستراتيجية التنمية المستدامة- رؤية مصر2030 ، بهدف وضع مصر ضمن أفضل 30 دولة فى العالم من حيث مؤشرات التنمية الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والتنمية البشرية، وتنافسية الأسواق وجودة الحياة
والواقع أن معظم مؤسسات التعليم العربية ما زالت تنتهج كثيرًا من الممارسات الإدارية التي تحول دون تحقيق نجاح مشروعات التنمية المستدامة ، والحق أنها صارت فى حاجة ماسة إلى إحداث نقلة نوعية من خلال تبني اتجاهات إدارية حديثة متل الحوكمة وإدارة التميز ، بهدف تحسين الأساليب الإدارية المستخدمة ، وتفعيل نُظم الرقابة ، وتحقيق مستوى عال من الجودة في الآداء، ودعم القرارات القائمة على المشاركة، واللامركزية ،والإدارة الذاتية، و التكيف مع المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية.
وفي ضوء خطة الدولة المصرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى رؤية مصر 2030 والتي تقضي بتكوين جهاز إداري كفء وفعال محوكم يساهم في تحقيق التنمية، ظهرت الحاجة الماسة لاستخدام مفهوم حوكمة التعليم وإدارة التميز.
وفى هذا الاطار فإننى أثمن ما قامت به وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى باطلاق ” جائزة مصر للتميز الحكومي” لتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030 لنشر روح التنافس والتميز بين الموظفين من ناحية، وبين المؤسسات الحكومية من ناحية أخرى؛ حيث إن تكريم المتميزين تكريماً معنوياً ومادياً غالبًا ما يرسخ قيم العطاء والانتماء والتميز، ويحفز الجميع على الارتقاء بمستويات الأداء والالتزام بمعايير الجودة والتميز.
الحضور المميز الكريم
يعد مدخل( إدارة التميز) مدخلاً شاملاً يعتمد فى بناء المؤسسة وإدارتها على أسس تحقق لها القدرة على مواجهة المتغيرات والأوضاع الخارجية المحيطة بها ، كما تكفل لها تحقيق الترابط والتناسق بين عناصرها ومكوناتها الذاتية واستثمار قدراتها المحورية ، ومن ثم القدرة على تحقيق ميزات تنافسية.
ويمكن إجمال السمات الرئيسة التى تتميز بها إدارة التميز فى الأتى:
– التحسين والتطوير المستمر ، لوضع المؤسسة دائمًا في وضع أفضل من المنافسين.
– تحقيق عوائد ومنافع متوازنة لمختلف أصحاب المصلحة ذوي العلاقة بالمؤسسة.
– بناء وتنمية العلاقات مع مختلف الأطراف الذين ترتبط بهم المؤسسة.
– الانطلاق من مبدأ أن ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، أى التركيز على مبدأ القياس .
– وضع العميل فى بؤرة تفكير الإدارة؛ بحيث يكون مدى رضاه عن المؤسسة وخدماتها هو الفيصل في الحكم على تميز الإدارة.
– التقويم الذاتي ؛ حيث تقوم المؤسسة بمراجعة أوضاعها بصفة مستمرة دون انتظار عمليات التقويم الخارجي.
– التركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى والتخلص من الأنشطة الأقل عائدًا .
– الكشف عن القدرات الكامنة التي تعبر عن المعرفة التي تميز المؤسسة عن منافسيها، والعمل على تنميتها.
– الكشف عن مواصفات وأساليب القادة الذين حققوا التميز لمؤسساتهم .
وفى هذا الإطار يمكن إجمال خصائص المدير المتميز فى الأتى:
1- الابتكارية
2- البناء
3- البديهة
4- المعرفة
5- الالتزام
6- المشاعر الإنسانية
7- المرونة
8- روح المرح
9- النظام
10- التفكير بشكل موسوعى مع الاهتمام بالتفاصيل.
الحضور الكريم
قبل عقد أو عقدين من الزمان كانت الكفاءة من الممكن أن تقود المؤسسة إلى موقع قيادى فى السوق، ولكن اليوم أصبح التميز التشغيلي يمثل ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها فى المؤسسات الناجحة. وإدارة التميز تعنى فن تجميع حاجات أصحاب المصلحة من الداخل والخارج ، من خلال إطار عمل يتضمن كل مكونات المؤسسة، ولكي يتحقق ذلك يتطلب الأمر توافر المقومات التالية:
– الإحاطة والفهم الصحيح بمفهوم “إدارة التميز”
– إعداد بناء استراتيجي للمؤسسة يعبر عن توجهاتها الرئيسة ورؤيتها المستقبلية.
– بناء منظومة متكاملة من السياسات تحكم عمل المؤسسة وتوفر الأسس والقواعد التى يمكن اتخاذ القرارات فى ضوئها.
– استحداث هياكل تنظيمية تتناسب مع متطلبات الأداء وتقبل التعديل والتكيف مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
– بناء نظام متطور لتأكيد الجودة وتفعيله بكل مستويات المؤسسة.
– بناء شبكة متكاملة للاتصالات ونظم المعلومات تضم آليات لرصد المعلومات وتوظيفها لدعم اتخاذ القرار.
– بناء نظام متطور لإدارة الموارد البشرية وتنميتها وتوجيه أدائها.
– بناء نظام لإدارة الأداء المؤسسي المتكامل وتشغيله.
– بناء نظام لإعداد وتنمية القيادات الإدارية الفعالة ،التي تركز على:
• الالتزام بمنهجية علمية في بحث المشكلات واتخاذ القرارات
• تنمية الابتكار
• تفعيل التوجه نحو إرضاء العملاء
• توظيف الرصيد المعرفي المتجدد للعاملين وتنميته
• الاهتمام المتوازن بأصحاب المصلحة
• تنمية الإحساس بالمسئولية الاجتماعية لدى العاملين
الحضور الكريم
فى ضوء ما تقدم يتضح أن المسؤلية الملقاة على عاتق المؤسسات التعليمية فى تكوين النشئ وإعداده لتحقيق التنمية المستدامة فى المستقبل تتفاقم وتزداد ، كما يتأكد لنا أن التعليم كان وما يزال وسيظل من أكثر المهام خطرًا، وأعمقها اتصالاً بآمال المواطنين وطموحاتهم، وأوثقها ارتباطًا بمصالح الناس، ومقاييس تقدمهم.
ولما كانت مؤسسات التعليم هى الأكثر التصاقًا ببناء الإنسان، لذا فإننى أرى أن هناك التزامًا على الدولة أن تدعمها ، وأن ترفع من قدراتها التنافسية ،وأن توليها كامل رعايتها، وأن توفر لها – بقدر طاقتها – شرايين الحياة الجوهرية التي تمكنها من القيام بدورها فى تحقيق قيم مضافة أعلى فى طلابها وخريجيها، وأن يكون إنفاق الدولة على التعليم بها تعبيرًا عن اقتناع بأن ثماره عائدة في منتهاها إليها، وأن التعليم بها ليس حرثًا في البحر، بل هو تشكيل للعقول، وإعداد للحياة، وتعميق لمشاعر الانتماء لدى طلاب هذه المؤسسات حتى يتمكنوا بعد تخرجهم من غرث تلك القيم والمثل العليا فى غيرهم.
السيدات والسادة :
فى نهاية كلمته
لا يسعنى إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على أمر هذا المؤتمر على التنظيم الرائع والاستقبال المتميز.والشكر موصول للحضور الكريم عل حسن الاستماع والمتابعة ، مع تمنياتى لكم بمؤتمر ناجح ومحقق لأهدافه .
والسلام عليكم ورحمة الله