كيف تتعامل الأسر المصرية مع الوضع الحالي؟ وكيف تتغلب على العلاقات الاجتماعية التي انقطعت بسبب عدم الزيارات وعدم وجود مجال للخروج إلى أي مكان؟ خصوصاً أن العمل في كثير من الحالات أصبح من المنزل، وماذا اكتشف الناس خلال فترة الجلوس الطويلة في البيوت؟ وهل سيؤدي ذلك إلى اختلاف الأولويات بعد انفراج الأزمة؟
مع ظروف كورونا …و الحظر الإجباري … و التعود على ملازمة المنزل طوال اليوم .
تمر بنا اشياء ما كانت تلفت انتباهنا فى الماضى
و لكن للظروف التى ذكرتها ..تغيرت النظرة للأشياء .
ثلاث قصص إخبارية مرت أمامنا جميعًا الأسبوع الماضى، أقنعتنى بعد أن جمعتها فى منطقة واحدة من عقلى:
أن التغيير ليس مستحيلا، وأن القوة نسبية، وأن الإنسان ضعيف جدا. نهايته الموت، لا بديل عن هذا المصير. لم يتخلف أحد عنه، سواء أكان مواطنا بسيطا ضعيفا، أو قويا مقتدرا يشغل أعظم المناصب.. وأن الحضارات دول.
إحدى القصص إخبارية تقليدية تتعلق بكورونا،
والثانية شائعة أو خبر لم نتبين مصداقيته بعد
والقصة الثالثة من خيالى
فى منتصف الأسبوع الجارى، تجاوز عدد ضحايا كورونا فى الولايات المتحدة عدد من فقدتهم خلال حربها فى فيتنام على مدى عقدين كاملين.
كانت هذه الحرب بمثابة مستنقع للولايات المتحدة، حيث أحدثت انقساما داخليا انتهى ذلك بالانسحاب المُهين بداية السبعينات بعد خسائر هائلة.
أقوى دول العالم تسترجع هذه الذكريات مجددا، وهى عاجزة أمام فيروس ضعيف وحقير. لم تنفعها دعايات القوة والبطش التى صدقناها وأرعبتنا جميعا. صحيح أننا فى مواجهة الكارثة سواء. وصحيح أن لديهم قاعدة علمية أوسع وأكثر كفاءة لاكتشاف العلاج. لكن هذا الفيروس قادر على توجيه ضربة مميتة لأعظم الدول ذات القوة والمنعة.
وهناك، فى أقصى الشرق، من الممكن أن يتحقق أمامنا أسرع الدروس الإلهية، فى وقت نحن منشغلون عنها بقصص أخرى. نتناسى دائما أن نهاية كل ديكتاتور أذل شعبه وجيرانه وأربك العالم كله، هى الموت.
ننسى مصائر هتلر وموسولينى وفرانكو وصدام حسين ومعمر القذافى.. وغيرهم.
فى بيونج يانج هناك درس قد يتحقق أمامنا.. فلنعه جيدا.
أحيانا وأنا أتابع التقارير العجيبة التى تخرج من كوريا الشمالية ونمط الحكم الديكتاتورى لزعيمها الشاب كيم جونغ أون أتعجب من طبيعة البشر. كيف تجمعت فى عقل واحد كل هذه الشرور والقدرة على القتل، والتلذذ بطقوس التعذيب والإذلال.
وأحيانا أتساءل عن أسباب الاستسلام والخضوع من شعبه ولماذا يقبلون بذلك؟.
هل من الممكن أن تنشأ علاقة حب بين حاكم من هذا النوع وشعبه.؟
كيف يستطيع الكوريون الشماليون أن ينتجوا ويبدعوا وهم تحت كل هذا القهر؟.
هل هناك دراسات نفسية متخصصة تشرح الأمر؟
وهل هناك نوع من المبالغة فى تصوير ما يجرى فى هذه الدولة؟.
هل هى فزاعة أمريكية، أو دعاية غربية لاستنزاف اليابان وكوريا الجنوبية، بسيناريو شبيه بما يجرى مع دول الخليج وإيران؟
كل ما فكرت فيه وأنا أتابع التقارير الخاصة باختفاء الزعيم الكورى، هو «أن تصاريف القدر قد تكون أقوى من كل الثورات ولصالح التغيير».
أما خيال المؤلف الذى قصدته، فقد ذهب إلى أن نهاية دولة إسرائيل ستكون بعد مائة عام من الآن.
لقد كان يوسف الشريف فى مسلسل «النهاية» أكثر جرأة منا جميعا، وهو يسبح فى خياله إلى أن هذه الدولة العنصرية البغيضة نهايتها الطبيعة هى التفكك والزوال. لقد انهارت حضارات عظيمة حكمت العالم شرقا وغربا.
اقرأوا تاريخنا الفرعونى والعربى. دول حكمت، وأسر قوية تألقت أو تجبرت، ثم اختفت. الاتحاد السوفيتى كان ندا قويا للولايات المتحدة. انهار تماما بعد حياة قصيرة عمرها سبعة عقود فقط.
لقد استندت الاحتجاجات الإسرائيلية على أن مصر وإسرائيل بينهما معاهدة سلام وعلاقات طبيعية. إنهم يستكثرون علينا خيالنا. أمنياتنا التى عجزت أنظمتنا أن تتعامل معها. لقد انهدم البيت الأبيض تماما، وانهارت العواصم الكبرى بما فيها القاهرة، فى كثير من أفلام هوليوود، ولكن عندما يقترب أى مبدع من إسرائيل فإن هناك حواجز وقيودا على هذا الخيال!.
الآن، البيئة من حولنا لا تحقق لنا سوى التسلية. لقد طغت على العبادات وعلى الثقافة تماما.
وقد يقول قائل: إنها أزمة كورونا، واستحالة إنتاج مواد ثقافية أو دينية بنسبة معقولة مع صعوبة تنظيم المنتديات والحفلات هنا وهناك.
وأرد وأقول: إن كورونا هذه لم تمنع كل هذه الأعمال الفنية الترفيهية التى تملأ الفضائيات والتطبيقات من حولنا. وللأسف معظمها تافه وبلا قيمة. لم يتعطل تصوير عمل واحد منها.
لماذا تستهدف كورونا الأعمال التاريخية والثقافية والدينية فقط وأيضا الأعمال الموجهة للأطفال. تقريبا لا يوجد برامج مصنوعة لأطفالنا فى رمضان تاهت البرامج الدينية المهمة.شيوخ باتوا مفروضين علينا على كل الشاشات. يتحدثون فى قضايا محددة لا يخرجون عنها. فى المقابل، فإن كثيرا من الدعاة التنويريين اختفوا تماما بدون أسباب.
كثيرون يدعون أن الاستغراق فى الترفيه على حساب الثقافة شىء مقصود ومدبر، وأن الأمر عمره خمس أو ست سنوات فقط. هذا قول مرسل يحتاج لدليل. تشجيع الفكاهة والترفيه مُهم بالطبع. ولكن الفنون الرفيعة هى وعاء الثقافة وعنوان حضارتنا. هى رسالتنا للأجيال القادمة. كثير من هذه الأعمال الترفيهية الاستهلاكية تموت فى مهدها ولا تبقى، أما الأعمال الكبرى فتبقى للأبد.
مرة أخرى، لا أعتقد أن هناك قرارات حاكمة بالانحياز للتسلية فقط، ولكنها الرغبة فى الربح السريع، وعدم اختيار القيادات التنفيذية المناسبة لتولى المسؤولية.
■ الامور الهشة
كتبت فى هذه المساحة أكثر من مرة عن تأثير فيروس كورونا على الطبقات البسيطة فى المجتمع، وخاصة العاملين باليومية. وكتبت أيضا عن المسجونين والمحبوسين احتياطيا. وناشدت بضرورة الإفراج عن أصحاب الأحكام البسيطة بضوابط احترازية مناسبة. وقد تم الإفراج عن المئات فقط، وقد علمت أن هناك إفراجات أخرى تتم فى هدوء وبدون ضجيج إعلامى.
هذا الأسبوع، قرأت دراسة شاملة عن «تأثيرات كورونا على الطبقات الهشة فى الشرق الأوسط». وهى للدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
وقد حدد عز العرب «الطبقات الهشة» فى منطقتنا العربية فى الفئات التالية:
المحتجزون فى السجون.
المقيمون فى مخيمات اللاجئين.
المدنيون والعسكريون بمناطق الصراعات المسلحة.
العالقون فى المطارات والمناطق الحدودية.
النازحون فى البؤر الموبوءة.
سكان المناطق العشوائية.
وأقتبس من هذه الدراسة الرئعة، التى تستحق القراءة بهدوء ويصعب تلخيصها، عرضها لعدد المساجين فى العالم، والذى يبلغ 10.7 مليون سجين، بينهم 1.16 مليون فى إفريقيا.
وقد استعرضت بالشرح أحوال هذه الفئات فى دول منطقة الشرق الأوسط، واهتمت بشكل خاص بضحايا الحروب والصراعات، وكيف أضافت كورونا لهم مأساة جديدة وقد أشادت بجهد مصر وعدد من الدول العربية التى بادرت بإعادة مواطنيها العالقين بالخارج واعتبرت ذلك أحد أوجه تعزبز الشرعية للنظم السياسية الحاكمة.
ومن وحى دراسة «عز العرب» فإننا فى مصر لا يشملنا من الفئات الهشة التى ذكرها إلا المسجونون وكذلك سكان العشوائيات أخاف على ساكنى العشوائيات من تأثيرات كورونا.هناك تكدس سكانى وغياب للوعى الصحى أكثر من باقى المناطق. أخاف أن تستقر كورونا لديهم مددا أطول. مستويات النظافة فى هذه المناطق أقل. الدولة ليست غائبة تماما عن تطوير العشوائيات بل بذلت جهودا مهمة مؤخرة، لكن عدم تطبيق الإجراءات الاحترازية بمستوى واحد، سيكون له تداعياته الخطيرة على الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.