العاصمة

قصر الرعب

0

إيمان العادلى

عام ٢٠١٩ م

“الحق يا مراد، بيت أبوك تحته آثار”

صحيت من النوم على أخويا وهو بيخبط عليا وأول ما دخل قال الكلمتين دول، حاولت أفهم منه آثار إيه وبيت إيه! عرفت إن إبن عمي جاب دجال ودلال وحفر تحت بيته وطلع آثار ومستني يبيعهم، لكن اللي يخصنا احنا واللي أخويا جه هنا عشانه إن الدلال قال لابن عمي إن البيت دا تحته آثار تغني دول.

الدجال قال إن عليه حراسة كتير أوي لكنه هيحاول لو أهل البيت وافقوا، وطبعا أخويا جي لي علشان أوافق وقال لي إني مش هعمل أي حاجة هو اللي هيتابع الحفر والبحث والبيع كمان وأكيد وافقت، وفعلا ماعداش يومين وأخويا قال إنهم بدأوا حفر.

بيتنا القديم كان في السيدة زينب منطقة كان اسمها القطائع بناها أحمد بن طولون، بصراحة لما بدأت أفكر في الموضوع حسيت إن فيه إشتغالة، إزاي منطقة اتبنت في عهد الدولة الإسلامية هيكون فيها آثار فرعونية؟ إحنا مش بلد في الصعيد ولا عين شمس اللي كانت منطقة فرعونية زمان علشان أصدق حاجة زي كده، لكن قولت إني مش خسران حاجة البيت كده كده قرب يقع ومحدش بيقعد فيه من زمن، كل يوم مدحت أخويا بيطمني إن الأمور ماشية تمام وإنهم قربوا يوصلوا وكل المؤشرات بتقول إن في قصر كامل تحت البيت، وممرات مليانة أوض مقفولة، لو كل أوضة من دي فيها آثار زي الدلال ما بيقول هنبقى من أثرياء العالم مش البلد، أنا بصراحة الفضول خدني أشوف الممرات والأوض دي وقلت لأخويا إني هروح أتابع معاهم الحفر بكرة.

وفعلا روحت، لقيت اخويا وكام واحد كدا كان باين عليهم إنهم عمال الحفر واتنين كمان أكيد دول الدلال والدجال، كانوا عاملين زي باب كده علشان يقفلوا بيه الممر بعد ما يومهم يخلص علشان مايتكشفوش، فتحوا الباب ونزلنا، بدأ أخويا يتكلم ويحكي عن اللي حصل من أول يوم، كل حاجة كانت متيسرة، الدجال قال إن مفيش حارس من الجان الموجود اتعرض لهم برغم إنهم عشيرة كاملة، وكمان كان في قطع رخام محفور عليها أسهم بتوجههم يحفروا فين، وبرغم كل اليسر دا لحد دلوقتي الدجال بيقول إن الخدم مأذنوش نفتح الأوض المقفولة، وكأنهم بيفرجونا على القصر بس، سيبت أخويا يتكلم وبدأت أركز مع القصر، الممرات، الرسومات اللي على الحيطة، الموضوع يخبل، إزاي قصر فرعوني بالجمال والعظمة دي قدرنا نلاقيه بسهولة كدا برغم إنه موجود من ٱآلاف السنين! منطقتنا زمان كانت قلعة فاطمية، إزاي إتبنت فوق القصر وهو محتفظ بكل تفاصيله، فجأة سمعت صوت هرجلة واللي خايف واللي بيزعق، شخط الدجال في كل الموجودين وأمرهم بالسكوت، اعترضت طريقهم أفعى ضخمة لونها أبيض وكبيرة جدًا، ورغم إنها حيوان لكن باين الغضب في عنيها وكانت على أتم الاستعداد للهجوم، وقف قصادها الدجال وبدأ يقرب منها ببطئ ويتكلم بلغة مش مفهومة. أنا فجأة زي ما أكون رجعت بالزمن ٣٠ سنة لورا، افتكرت زمان وأنا بلعب في مدخل البيت شوفت نفس الأفعى دي، يومها قعدت أصرخ وبابا جه على صراخي وخدني في حضنه وقعد يقرأ قرآن، لما سكت بابا وبصيت عليها لقيتها اختفت، يومها قال لي إن دي حارس البيت اللي بتحميه من العفاريت الأشرار.

زي ما يكون نزل عليا الوحيّ وبدأت أقرأ آية الكرسي، الأفعى تختفت والبيت بقى بيترج بينا كأن الزلزال ضربه، الدجال زعق لأخويا وقال له يطلعني برا، مجرد ما طلعت من تحت وقف الزلزال دا، أخويا ضحك وقال لي يعني الراجل يقول في عشيرة كاملة من الجن وأنت تقرأ له قرآن!! أنت كنت عايز البيت يتطربق على دماغنا؟ روحت نمت وأنا مستغرب اللي حصل النهاردا وعارف إن اليوم دا والأيام الجاية مش هنساها طول حياتي.

***

عام ٨٧٠ م

=يعني إيه يا عمرو؟ مش هبني القلعة علشان شوية التخاريف بتاعة الناس! قصر من أيام الفراعنة وماينفعش يتهد ولعنة! مش عايز أسمع الكلام ده تاني والقلعة تتبني في أسرع وقت.

-حاضر يا جلالة السلطان.

من كام أسبوع قرر السلطان أحمد بن طولون بناء قلعة في مدينة القطائع الجديدة، حدد مكانها وكلفني بما إني من عائلته بالإشراف على المهندسين والعمال علشان يخلصوا في أسرع وقت.

المكان اللي حدده السلطان كان فيه قصر كبير قديم كان باين إنه فخم جدًا ولكن خلاص الزمن جنى عليه وحوله لتراث، أهل البلد حذروني وقالوا إن القصر دا من قرون واتبنى أيام الفراعنة وإنه محمي بعشيرة كاملة من الجان وأكتر من واحد حاولوا يهدموه لكنهم ماتوا قبل ما يعملوا دا، واللي حاول يدخله بغرض السرقة ماخرجش منه، عرضت اللي سمعته على مولاي ولكنه هزقني إني سمعت للخرافات دي، قررت أدخل القصر وأتأكد بنفسي من الكلام، للقصر كان فعلا متزين برسومات جميلة ومحفورة بدقة عالية ، القصر نفسه باين إنه مش من العصور الحالية وإنه ينتمي لعصر أكتر قوة من عصرنا، وكأنه جاي من المستقبل مش الماضي، لقيتني بقول “طب أنا مطلوب مني أهدك، أعملها إزاي دي؟ وكمان ملعون! أكيد الناس قصدهم لعنة الجمال” البيت اتهز بقوة شديدة وقعتني على الأرض، شوفت رجلين بتقرب مني، جسد ضمم وقوي جدا، ملابسه كانت زي ملابس الأشخاص المحفورين على الحيط، اتكلم بلهجة قوية وقال “الحذر، كل الحذر من هدم قصري، هنا دُفنت، وهنا ثروتي التي إذا اعتليتها للامست القمر، سيُحفظ القصر وستُحفظ به أملاكي وجثماني إلى يوم الخلود، ومن يجرؤ على أن يمسني بضرر فعليه لعنة خُدامي” خرجت جري من القصر وأنا مش عارف أعمل إيه، قررت إني هبني القلعة فوق القصر، هسيب القصر زي ما هو مع محاوطته بأساس قوي تتبني فوقه القلعة، مع مشاورة المهندس اللي اتهمني بالجنون وماصدقنيش غير لما دخلته القصر وشاف اللي شوفته وبقينا بين نارين، عصيان أمر السلطان أو تحدي الجان، وقرر في النهاية ينفذ خطتي، بعدد قليل من العمال الموثوق فيهم علشان يفضل السر بينا احنا بس.

وعدت الأيام والشهور وخلصت القلعة وخلص الكابوس، بعد ما أشرفت على القلعة للمرة الأخيرة، وأنا خارج اعترضت طريقي أفعى بيضة ضخمة خوفت ومن خوفي وقعت على الأرض لكن الأفعى اتكلمت ودا زود خوفي أضعاف لحد ما سمعت اللي بتقوله

“شكرًا على مساعدتك للحفاظ على ما كُلفت بحراسته” واختفت فجأة زي ما ظهرت.

***

عام ٢٠١٩ م

صحيت مفزوع بعد الكابوس دا، واللي فزعني أكتر، صوت قوي ملوش مصدر بيقول “سأسامحك على اختراقك لقصري ولكن كل ما نوى سرقتي ستلاحقه لعنتي حتى الموت، الآن عاد كل شيء كما كان”

قمت لبست بسرعة وجريت على بيتنا في السيدة وطول الطريق بتصل بأخويا لكن تليفونه مقفول، وصلت وكأن محدش حفر حفرة بلي حتى!!!

كأن كل اللي شوفته كان حلم!

جالي إتصال من رقم غريب، رديت وكان واحد بيقولي إن أخويا عمل حادثة ومات!

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading