أيعقل أن أتصالح معهم ، مع الجان والعفاريت والغولة ! .
أم أعود لأتصالح مع مخاوف البشر ! .
لحظات قليلة راودتنى فيها الأفكار والهواجس والمخاوف حتى أدركت أن كل المخاوف ما هى إلا عبارات تصدر من العقل الباطن – الغول الأكبر ليصدقها العقل ويدركها الإحساس بمباركة ميمونة من القلب وحفاوة بالغة من الجوارح حتى تصبح أكذوبة كبرى نعيشها بكل تفاصيلها ونراها بكل ملامحها حيث الخيالات والأصوات الهائمة وصراخات من فى القبور حتى أننى جاهدت نفسى مرة – مرتان – ثلاث مرات لأجد نفسى غارقة تذوب فيها ونصبح أسرى الأكاذيب .
منذ بدايات طفولتى البائسة كنت أهيم عشقا بها ، حينما مدت يداها وتصالحت معهم ، مع الشياطين والجان والعفاريت ومع تلك الغولة الكبيرة التى تنام تحت سريرها ، ومع الجنة المقيم داخل خزانتها .
ولم لا – صادقت الجان المقيم فى ستائر غرفتها الفارهة ، حتى الأرواح الهائمة والأشباح المنتصبة فى قلب غرفتها وهى توقظها .
صادقتها بجنونها – عبثها – رعبها !
صادقت الذين أرعبوها كلهم واستدعتهم وتجاوزتهم بكل جسارة .
ألأنها المارد الأكبر ! ؟ .
لم تنتظر يوما أن يعجب بها أحد أو يبادلها نظرات الإعجاب أو يحبها !
بل فضلت مصادقتهم ، مصادقة الشياطين والمردة لأنها تحب مهنة التحليق فى ظلمات الفضاء وتجيد السباحة فوق سطح المياة العكرة المظلمة .
تلك رغبتها !
حتى الشوارع المظلمة التى ترغب وتخيف الجميع أصبحت ملاذها وممشاها حيث التجوال والتسكع على نواصيها .
ترعب البوم بنظراتها الحادة الثاقبة الساكن وسط جنح الظلام فوق الكوبرى الكبير وفوق أطلال أشجار الزيتون اليابسة .
تنادى على الغربان ليصدحوا لها تراميمهم الخاصة تستدعى ذلك المارد المخيف من بين ثنايا قلبها المظلم .
ولم لا تهابها – تخافها الشياطين عند خروجها وتسكعها وسط جنح الظلام الحالك .
أمست فى قهرهم بالإستغناء عنهم والزج بهم فى غياهب العدم حيث الجب السحيق .
لأنها علمت منذ الطفولة والصغر وهى تنتشى بسماع حكاياتهم أن تلك المخاوف ما هى إلا أضحوكة ساذجة تقال أمامها .
عادت إمرأة لا تقهر !
أتعرف لماذا ؟
لأنها كسرت جميع انواع القهر والإستبداد .
بدأت تقهر ذلك الإنسى الضعيف وصارت تستغنى عن الناس المقهورين لبنى الإنسان بأسلوبهم ومعاملاتهم وأمست تخاف الغول الأكبر .
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.