كان هناك رجل يدعي العلم الغزير , ويجيب عن كل سؤال يرد إليه , وكان لا يدع شاردةً ولا واردةً إلا وهو يدلي بدلوه فيها , ولم يقل يوما في مسألة : لا أعلم …..
بل كان يؤلف أجوبة من عنده , ويضع لها أدلة ويتظاهر بها أمام الناس ,
فاجتمع بعض العقلاء يوما وقالوا : هذا الرجل .. إما أنه أعلم أهل الأرض …… أو أنه يستغل جهلنا …..
ثم اتفقوا أن يجروا له امتحانا , فألفوا كلمة من ستة أحرف هي كلمة ( خنفشار ) , ثم جاءوا إليه وقبلوا رأسه وعظموه , ثم قالوا :
يا شيخ ….. مسألة .. مسألة … أشكلت علينا وأردنا أن تبين لنا جوابها …
فقال : على الخبير وقعتم .. ما هي مسألتكم .. ؟ تختلفون وأنا حي … ؟
فقالوا : ما هو الخنفشار .. ؟
أستقبل الإعرابي السؤال بابتسامة واثقة ثم قال :
يا لها من غرابة ألا تعرفون ما هي الخنفشار ! .. ؟
فقالوا : لا !
فقال : الخنفشار … نبات ينبت في جنوب اليمن .. فيه مرارة …, وإذا أكلته الناقة حبس اللبن في ضرعها …. , ويستخدمه أهل الإبل إذا أرادوا بيعها يغشون به الناس , حتى يظن المشتري أن الناقة تدر لبنا كثيرا … , وهي غير ذلك ..
ثم اتكأ الشيخ وقال :
والخنفشار مشهور عند العرب , وقد ذكروه في أشعارهم , وذكره النبي – صلى الله عليه وسلم – في سنته ,
أما عند العرب .. فقد قال الشاعر لمحبوبته :
لقد عقدت محبتكم فؤادي كما عقد الحليب الخنفشار
ثم تنحنح وقال :
أما الدليل من السنة فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ….
فتدافعوا إليه وتصايحوا , وقالوا :
كفى …. كفى …. إتق الله يا كذاب ……..
كذبت على لغة العرب …… وكذبت على الشاعر …..
وتريد أن تكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – … ؟
ثم طردوه من بينهم .
ما أكثر الخنفشاريين في هذا الزمن