قرأت لك النداء الأخير للكورونا
الخبير الأمنى خيرت شكرى يكتب
اعداد عادل شلبى
ما أريد قوله ليس مقالا فكريا أو سياسيا، وإنما هواجس لا تتعدى الرؤية الشخصية البسيطة التي تواكب هذا الحدث الجسيم.
هل كانت كارثة الكورونا نوعا من لعبة الأمم؟ نوعا من سباق بين الدول العظمى، لنستيقظ بعده على كابوس مرعب أربكنا جميعا لدرجة أفقدتنا الصواب ؟ كيف لفيروس صغير أن يفقدنا بوصلة الطريق ؟
لقد قامت الدولة بدورها على أكمل وجه وقد فوجئنا جميعنا بفائض قوة الدولة الاقتصادية واحتياطاتها النقدية والمالية، كذلك أذهلتنا تحركاتها الاستراتيجية المحسوبة ، التى أسهمت فى مواجهة الفيروس وفى حماية الشعب المصري من التعرض لانتشار الوباء بين الملايين ، وفى تحسين فعالية وكفاءة خطة مكافحة الكورونا على جميع المستويات.
لكن يبقى دائما وأبدا الخط المنحني للشخصية المصرية، وهو الجانب الديني , وكنا نتمنى – أو نتوهم – صحوة قوية من رجال الدين ..لكننا صدمنا بموقف رجال الدين “بعامة” على الجانبين المسلم والمسيحي ؛ ووزارة الأوقاف “بخاصة” في يوم الجمعة الموافق 20 مارس والذي نعتبره يوما مفصليا وحاسما في معركتنا جمعيا مع الكورونا.. إنه الأسبوع الثالث والمرعب الذي أودى بحياة الآلاف في إيطاليا والصين واسبانيا وفي طريقه للفتك بفرنسا وسويسرا وأميركا.. كل هذا على مرأى ومسمع العالم أجمع فماذا فعلنا نحن وقد حبانا الله بهبة لم يمن بها على بلد آخر.. فنحن وحتى الآن كل أوضاعنا تحت السيطرة كما أسلفنا في السطور السابقة.. لكن ولشديد حزني أرى رجال الدين وقد رفضوا التنازل عن شهوة السيطرة على جموع الشعب.. فليكن، افعلوا ذلك ولكن في الاتجاه الصحيح, ادفعوا بالجماهير إلى تنفيذ التعليمات الصحية ..ألا يعلم رجال الدين الإسلامي أن ابن عباس حينما ازداد المطر قال للمؤذن” إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة بل قل : صلوا في بيوتكم”؟ .. وهل يجهل القساوسة الاصحاح 6:6 من انجيل متى الذي يقول:
أما انت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلي لربك الذي يرى في الخفاء فيجازيك في العلانية؟
يبدو أننا سنطل في دوامة لا نهاية لها ومزايدات سوف تقضي على الأخضر واليابس.. لم أرى موقفا حقيقيا ومسؤولا من رجل دين مثلما سمعت من الأب يؤنس لحظي ممثل الكنيسة الكاثوليكية والذي يعيش في إيطاليا وقد قدم نصيحة ممهورة بالدم، ممزوجة بالألم ولكنه الألم النبيل الذي جعله يتخطى وفاة أكثر من 28 كاهن بسبب الكورونا وحذر الجميع من مغبة التمادي في الاجتماعات الدينية التي تحصد الأرواح مثلها مثل أية تجمعات .. الأب المبجل يقول أن الكاهن الذي يحتفل بالقداس هو يجرب الرب إلهه.. عليكم أن تصلوا من أجل شعب الكنيسة ولكن في بيوتكم لأن عدد الوفيات تخطي أكثر من 33 ألف حالة.
يبدو أننا لسنا في زمن الحداثة.. نحن في زمن التباهي بالحشود والجماعات التي لا يجد الفرد موطئ قدم إلا تحت راية لمسجد أو كنيسة.. الزمن المرعب الذي تغلي كل عناصره في مرجل الفيروس اللعين، على امتداد الساحة العربية، وعلى مستوى العالم بأكمله، حيث الأمم يوحدها حلم الانتصار على عدو بالغ الوضوح ومطلق الشر.. أيها الشيوخ والقساوسة ارفعوا أيديكم عن الشعوب، يكفيكم أن ترفعوها للسماء من منازلكم واطلبوا الرحمة والمغفرة على ما تفعلوه بالمواطنين الضعفاء الذين لا يجدون ملاذا سوى أبواب السماء , فلا تغلقوها في وجوههم بفتاواكم و تحكماتكم.