“طبقًا للخطة الخمسية والبرنامج الانتخابي سيتم الانتهاء من المشروع بعد ستة أشهر”
“أريد أن أقابلك لأمر ضروري، نتقابل غدًا في نفس المكان بعد العشاء”
“سيحضر الطبيب للعيادة في تمام السابعة”
“سيتم تسليم الوحدات للحاجزين بعد عام من أول قسط”
“اترك لي السيارة وبعد ساعتين سوف أسلمها لك سليمة”
“يوم الأحد نكون انتهينا من تركيب السيراميك، يمكنك الاتفاق مع النقاشين أن يبدأوا يوم الاثنين”
ماذا أثارت فيك هذه الجمل؟
بالأصح ماذا توقعت مع كل جملة منها؟
هل أثارت فيك احساس بالثقة في دقة المواعيد؟
هذا ما أعنيه، الأمر فاق عدم إحساسنا بأهمية الدقة الزمنية، لم تعد المشكلة أننا لا نلتزم بمواعيدنا ولا نراعي العامل الزمني إطلاقًا.
الأمر وصل بنا أن يكون من الطبيعي ألا نصدق أي موعد.
أصبح من الطبيعي أن تتفق مع صديقك أن تقابله الساعة السابعة، ورغم أنه هو من حدد الموعد بدقة إلا أنك تكون على يقين تام أنه لن يأتي
إطلاقًا في موعده، وبالتالي لأنك ذكي تذهب إليه في الثامنة، ولأنه عبقري فإنه لا يحضر إلا في التاسعة ولأنكما نابغان
لايصدر منكما كلمة لوم واحدة على التأخير كأنكما التقيتما في الموعد بالضبط.
لقد أصبحت هذه هي القاعدة، الطالب لن يذهب ليستفسر عن النتيجة إلا بعد الموعد المحدد بأسبوع وغالبًا لن يجدها معلنة
ولن يندهش من ذلك.
ستعود للميكانيكي في اليوم التالي لتجده لم ينته بعد من السيارة، لن يشكو المرضى الجالسون لساعات في العيادة من
تأخر الطبيب عن موعده، ولن يسأل أحد عن تنفيذ المشروع الذي ربما كان في الخطة الخمسية الأولى في ثمانينات القرن الماضي.
لقد أصبحنا نتعامل مع الأمر ببساطة، ذلك البعد الرابع المسمى بالزمن لا يمثل لنا أي شيء، إن سألك أحد عن موعد انتهائك من شيء فقط ارتجل أي موعد “بعد يومين إن شاء الله تأتي لاستلام طلبك”.
غالبًا هو سيتذاكى ويأتي بعد أسبوع معتقدًا أنه سيجد طلبه جاهزًا ولكنه قطعًا لن يجد شيئًا، أما إن كان من محدودي الذكاء -مثلي للأسف- الذين لم يستطيعوا التكيف بعد مع هذه العادة السخيفة التي أصبحت قاعدة مجتمعية ثابتة، فعليك الاستعداد بقائمة من المبررات والأسباب ولا بأس من إلقاء الملام عليه لسبب أو لآخر باعتباره مشاركًا في تعطيل الأمر، بعدها عليك إعطائه موعد جديد، ولكن لا تنسَ لابد أن تكون دقيقًا وواثقًا على سبيل المثال: ” عد غدًا في تمام الواحدة وعشرين دقيقة بالضبط فتجد كل شيء جاهزًا”.