العاصمة

“عققته قبل أن يعقك” 

0

 

الكاتبة تهاني عناني

 

مرحلة الطفولة تمثل أهمية كبرى، للطفل والأسرة، المجتمع، وكان للدين الإسلامي الحنيف السبق عن الحضارات الأخرى، والعلم الحديث في الإهتمام بمرحلة الطفولة وما قبل الطفولة بدءًا من:-

• حسن إختيار الزوج:- عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه ، فزَوِّجُوه) (سنن الترمذي).

• حسن اختيار الزوجة:- روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)(صحيح البخاري).

•اتباع السنة في معاشرة الرجل لزوجته:-

روى بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أَمَا لو أنَّ أحَدَهُمْ يَقولُ حِينَ يَأْتي أهْلَهُ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بيْنَهُما في ذلكَ، أوْ قُضِيَ ولَدٌ؛ لَمْ يَضُرَّهُ شَيطانٌ أبَدًا) (صحيح البخاري).

• اختيار الإسم الحسن:- قال صلى الله عليه وسلم (إنَّكم تُدعَونَ يومَ القيامةِ بأسمائِكُم وأسماءِ آبائِكِم فأحسِنوا أسماءَكم) (رواه أبو داوود).

• الرضاعة الطبيعية:-

قال تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة 233)

وقال أيضاً (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) (الأحقاف 15)

فالرضاعة الطبيعية حق للطفل حولين كاملين دون أن يزاحمه طفل آخر خلال تلك المدة حفاظا على حقه في التغذية الصحيحة التي تساعد على بناء جسده بناءً قوياً، لأن الحمل في فترة الرضاعة فيه حرمان للرضيع من هذا الحق أو بعضه لأن المواد التي تكون غذائه سوف ينصرف جزء كبير منها إلى تكوين الجنين الموصول ببدن أمه ولن يجد الرضيع ما يكفيه منه ولهذا سمي لبن الغيله، وكأن كلا من الطفلين قد اقتطع جزءا من حق أخيه مما قد يعرض أحدهما أو كلاهما للضعف وهذا ما أثبتته البحوث الطبية.

عن جابر بن عبدالله قال (كنا نَعْزِلُ على عهدِ رسولِ اللهِ فبَلغ ذلك رسولَ اللهِ فلم يَنْهَنا) والمقصود في فترة الرضاعة.

• الإنفاق:-

وهو من الضروريات التي لابد منها كالشراب والطعام، الملبس، المسكن قال صلى الله عليه وسلم (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا،) (صحيح البخاري).

•التعليم:-

مسؤولية الآباء تربية الأبناء على الدين، بتعليمهم العقيدة الصحيحة، والأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية والأخلاق الحميدة التي يحتاجونها لينشئوا نشأة إسلامية.

وأيضاً تعليمهم العلوم الدنيوية.

سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قال “أدب إبنك فإنك مسؤول عن ولدك ما علمته”.

فالعبره في الأولاد ليست بكثرة العدد ولكن بالصلاح والنفع.

كل الأنبياء دعوا الله عز وجل أن يرزقهم الذرية الصالحة:-

سيدنا إبراهيم قال (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ). ودعا زكريا ربه قال (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً).

وسيدنا محمد يقول (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ) والقوة هنا عامة بدنيا وصحياً وعلمياً وثقافياً واقتصادياً.

وأيضاً تعليمهم الألعاب البدنية، الرياضة، السباحة، وركوب الخيل كان سيدنا عمر بن الخطاب يقول “علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل”

• رعايتهم واحتضانهم في الطفولة:- بإظهار الحنية عليهم باللعب والملاطفة، ولنا في رسول الله أسوة حسنه فكان يحنوا على أبنائه روى شداد بن الهاد الليثي قال (خرَجَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في إحدى صَلَاتَيِ العِشاءِ، وهو حامِلٌ حسنًا أو حُسينًا، فتقدَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوضَعَه، ثمَّ كبَّرَ للصَّلاةِ، فصلَّى، فسجَدَ بينَ ظَهْرَانَيْ صلاتِهِ سجدةً أطالَها، قال أَبِي: فرفَعْتُ رَأْسي، وإذا الصبيُّ على ظَهرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو ساجِدٌ، فرجَعْتُ إلى سُجودي، فلمَّا قضَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال الناسُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ سجَدْتَ بينَ ظَهْرَانَيْ صلاتِكَ سجدةً أطَلْتَها، حتَّى ظَنَنَّا أنَّه قدْ حدَثَ أمْرٌ، أو أنَّه يُوحَى إليكَ، قال: كلُّ ذلكَ لم يكُنْ، ولكنَّ ابْني ارْتَحَلَني، فكرِهْتُ أنْ أُعْجِلَهُ حتَّى يَقضيَ حاجتَهُ)(صحيح النسائي)

روى أبو قتادة الحارث بن ربعي (خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأُمَامَةُ بنْتُ أبِي العَاصِ علَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ وضَعَ، وإذَا رَفَعَ رَفَعَهَا)(صحيح البخاري)

وهنا أيضاً يعلمنا صلوات الله عليه المساواة بين الأبناء وعدم التفريق بينهم أو الميل الى جنس دون آخر بنات أو أولاد حتى لا تنشأ بينهم الغيرة والعداوة.

• الدعاء للأبناء:- بالصلاح والهداية وعدم الإساءة بالدعاء عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)(صحيح مسلم).

وروي في الأثر أن سيدنا عمر بن الخطاب جائه رجلا يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد وأنَّبَه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن أسمه، ويعلمه الكتاب( أي القرآن )، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له”لقد عققته قبل أن يعقك”.

👈هذه القصة وإن صحت فتعني أن من أحسن لولده في الصغر بأن رباه على الإستقامة، والطاعة، وحسن الأدب فإنه سيجني بره به عند الكبر. وهذا هو الغالب، ولكن قد يحسن الوالد تربية ابنه، ويصير عاقا حين يكبر، وكذا قد يسيء الوالد تربية ولده، ثم يكبر الولد ويهديه الله تعالى، فيصير بارا بوالده.

👈ولا تعني أبدا تجرؤ الإبن على العقوق مهما عمل والديه، لأن هذا يخالف الكتاب والسنة قال تعالى(فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)(الإسراء23)

وقال صلى الله عليه وسلم (ملعونٌ من عقَّ والدَيه)(رواه الطبراني والحاكم).

اترك رد

آخر الأخبار