طارق سالم
ها نحن ودعنا الأيام العشرة الأولى من رمضان وكلنا يعرف بنفسه عن نفسه ماذا خسر وما ربح وها نحن نستقبل عشرة المغفرة رمضان شهر المغفرة وبحر الغفران هيا بنا أيها الإخوة والأخوات جميعا ننهل من مناهل الشهر المبارك ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة إليكم دعاء العشرة الثانية من قبس النبي الكريم في الشهر الكريم.. عليه أفضل الصلوات والتسليم “اللهم أني اسألك برحمتك التي وسعت كل شئ أن تغفر لي” والله نسأل أن يجعلنا وإياكم من عتقاء النار.. ويدخلنا جنات تجري من تحتها الأنهار.
إن من أعظم فضائل رمضان أنه موسم كبير للمغفرة .
نعم المغفرة التي نحتاجها جميعا المغفرة التي من كُتبت له فقد كُتب له الخير كله .
وهل يُمنع العباد من دخول الجنان إلا بسبب عدم المغفرة وهل يَدخل العباد النار إلا بسبب الذنوب التي لم تُغفر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . يالها من بشرى عظيمة بشرى بالمغفرة يا من تصوم رمضان ابتغاء وجه الله واطلب الأجر من الله وأبشر فالمغفرة وشيكة بإذن الله .
ما أحوجنا إلى المغفرة، فهي طريقنا إلى النجاة والنجاح، والسعادة والفلاح.
فهنيئا لمن خرج من رمضان وقد غفرت ذنوبه وسترت عيوبه ومحيت سيئاته وكُفرَتْ خطاياه ويا خسارة من أدرك رمضان فانسلخ عنه قبل أن يُغفرَ له.
• فيا من حُرمْتَ الطاعة وثقلتْ عليك العبادة اسلكْ سبيلَ المغفرة فإن الذنوب تصُدّ عن الطاعة وتجعلها ثقيلة على النفس .
• يا من تشعرُ بقسوة القلب وغلظته هذا أوانُ المغفرة لتطهّرَ قلبك من أدران الذنوب وتزيل عنه غشاوة السيئات فإنّ الذنوب إذا تراكمتْ في القلب قتلته حتى يفقدَ صاحبُه الإحساسَ بقبح المعصية وخبثها وتصيرَ المعصية عادة له يأنس بها ويفتخر بها ولا يستحيي من ممارستها أمام الناس.
• يا من تشكو من الذلة والمهانة عليك بأسباب المغفرة لتتخلص من الذنوب التي تورث الذل والمهانة فإن الذل في معصية الله ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ كما أن العز في طاعة الله ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) .
• يا من أصبحت تستصغر الذنوب وتحتقرها ولا تبالي بها اطرُقْ باب المغفرة فإن تواليَ الذنوب والإصرارَ عليها يجعل المرء يستصغر الذنب ويحتقره يرتكب الكبائر وهي تبدو في عينه صغيرة ﴿ وَتَحْسبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ بل ربما فسد ذوقه وانحرف طبعه فيرى السيئة حسنة والقبيح جميلا ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ﴾ .
• يا من حٌرمْتَ العلمَ والفهم خذ بأسباب المغفرة فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والذنوب والمعاصي تطفئ ذلك النور. قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ .
• يا من أصِبْتَ بفساد العقل وزَيْغه وانحرافه عُدْ إلى بستان المغفرة فإن الذنوب تفسد العقول وتصدها عن حسن التفكير والتخطيط حتى ولو كان أصحابها ممن أبدعوا واخترعوا في أمور الحياة لكن فساد عقولهم قادهم إلى الهلاك والخسران،﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ .
• يا من تشكو من الضعف والحِرْمان وضيق الرزق وقلة المؤونة اطرُقْ باب المغفرة وداومْ على الاستغفار لتخلصَ نفسك من الذنوب التي تتسبب في كل بلاء وشقاء. قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ وقال عز وجل على لسان هود عليه السلام: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ .
• يا من تشكو من كثرة الهموم والأحزان والمتاعب والمصائب عدْ إلى باب المغفرة فإن كثيرا من المصائب التي تصيب الإنسان في نفسه أو ماله أو أهله أوبلده ناتجة عن كثرة الذنوب والمعاصي.
قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ وقال عز وجل: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ وقال سبحانه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
• فإياكم أن تظنوا أن الراحة والطمأنينة تنال بالذنب.
• وإياكم أن تظنوا أن الأمن والاستقرار يكون بمعصية الله والصدّ عن سبيله.
• وإياكم أن تظنوا أنّ التقدّم والازدهار يكون بكثرة الفواحش والمنكرات.
# يا من تريد المغفرة كن مؤمنا بالله، موحدا لله فإنه لا مغفرةَ من غير توحيد ولا مغفرةَ من غير إيمان قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾
# يا من تريد المغفرة أكثرْ من أعمال الخير فأنت في شهر الخير أكثرْ من الحسنات لتمحى عنك السيئات. ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾
# يا من تريد المغفرة حافظ على الصلوات لتطهّرَ قلبك من أدران الذنوب والسيئات فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمسَ مرات هل يبقى من دَرَنِه شيء» قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال: «فذلك مثلُ الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا»
# يا من تريد المغفرة عليك بالصبر فما لزمه أحد إلا غفرت ذنوبه وحطت عنه خطاياه قال تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾
# يا من تريد المغفرة أكثِرْ من ذِكر الله فبذِكر الله تطمئن القلوب وتغفر الذنوب قال ربنا سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾
# يا من تريد المغفرة تب إلى الله وعد إلى الله فالتوبة تجُبّ ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله مهما بلغت ذنوبك ومهما تعددت جرائمك تب إلى الله وقف ببابه خاشعا ذليلا منيبا وستجد ربك رحيما حليما كريما فهاهو ينادي عليك فيقول سبحانه: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قال الله عزوجل: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة ».
اللهم اغفر لنا في هذا الشهر الكريم، اللهم اجعلنا فيه من المرحومين، واجعلنا فيه من المقبولين، واجعلنا فيه من الفائزين، واجعلنا فيه من الناجحين، واجعلنا فيه من الناجين، يا رب العالمين.
• اللهم اجعلنا ممن صامه إيمانا بك واحتسابا واجعلنا ممن قامه إيمانا بك واحتسابا.
• اللهم اجعل هذا الشهر شهر أمن وخير وبركة على أمة حبيبك ومصطفاك.
• اللهم فرج فيه هم المهمومين ونفس فيه كرب المكروبين واشف فيه مرضى المسلمين، يا رب العالمين.
وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.