كتبت :شادية عجمي ع الهادي…. الفيوم
نظمت مكتبة الشباب بمكتبة الفيوم العامة (فرع ثقافة الفيوم) عرض وثائقي ” رحلة العائلة المقدسة” يليه حلقة نقاشية حول العرض
للدكتور أحمد عبد العال مدير منطقة آثار الفيوم سابقا .
خرجت مريم وولدها المسيح برفقة القديس يوسف من أرض فلسطين وبيت المهد هاربة إلى أرض مصر، راكبة على حمار
حاملة طفلها بين ذراعيها، يسيرون عبر برية قاسيةً، سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق
(الفلوسيات) غرب العريش بـ 37 كيلومترا، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما
(بلوزيوم) واقعة بنين مدينتي العريش وبورسعيد.
وأولَ يونيو من كل عام، نتذكّرُ يومًا مهيبًا من تاريخ مصر الثرىّ، وقع قبل ألفى عام. فى ذاك اليوم، وصل السيدُ المسيح طفلاً،
مع أمه مريم العذراء، عليهما السلام، إلى أرضنا الطيبة؛ يحتميان بها من بطش هيرودس ملك فلسطين.
فقط أرضُ مصرَ، من بين أراضى الله الشاسعات، اختارتها العائلةُ المقدسة ملجأً وسكنًا، فأحسنتْ أرضُنا الدافئةُ استقبال
ذلك الوفد الكريم، وضمّت بين شغاف قلبها طفلاً قدسيًّا، لتحميه من قاتل الأطفال. وكبر الطفلُ ليغدو رسولَ السلام الذى «يجولُ يصنعُ خيرًا»، فطوّبه اللُه بالسلام: «وسلامٌ عليه يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويم يُبعثُ حيّا». كانت أرضُنا الطيبة لتلك العائلة ربوةً ذات قرار ومعين. جالت فيها سيدةُ الفضيلة فتفجّرتْ تحت قدميها عيونُ الماء، وشقشقت بكل بقعة وطئتها زهورُ البيلسان، فامتلأت أرضُنا بخصب لا يبور، وإن بارت بقاعُ الدنيا.
طافت العائلةُ المطوّبة من شرق مصر إلى غربها إلى جنوبها ثم عادت من حيث أتت. هجروا فلسطين ودخلوا مصرَ من باب «رفح»، ثم «العريش». ومن سيناء الشريفة، دخلوا «تل بسطا» بالزقازيق. وظمأ الطفلُ ولم ينجدهم أحدٌ بشربة ماء، وبكت الأمُّ الصغيرةُ، فتفجّرت بئر ماء تحت قدمى الشجرة، وارتووا. واستأنفوا الرحلة إلى «مسطرد» ثم «بلبيس» ثم شمالا نحو «سمنّود» ثم غربًا نحو «البُرّلس» ثم «سخا»، ثم «وادى النطرون». بعدها دخلوا منطقة «المطرية» و«عين شمس». ثم ارتحلوا إلى «الفسطاط»/بابليون، بمصر القديمة فاختبأوا فى مغارة محلّها الآن كنيسة «أبوسرجة» الأثرية. بعدها دخلوا «المعادى»، ثم سافروا جنوبًا نحو صعيد مصر ومكثوا برهة فى قرية «البهنسا». ومن بعدها ارتحلت العائلة المقدسة جنوبًا نحو «سمالوط» ومنها عبرت النيل شرقًا حيث «جبل الطير» ودير السيدة العذراء. ثم عبروا من جديد من شرق النيل إلى غربه إلى حيث بلدة «الأشمونيين» التى شهدت معجزات عديدة للسيد المسيح. ثم ساروا جنوبًا نحو «ديروط» ثم «القوصية» ثم غربًا حيث قرية «مير». إلى أن دخلت العائلة الطيبة منطقة «دير المحرّق»، وهى أهم محطّات الرحلة المقدسة، حيث استقرّت بها الأسرةُ قرابة نصف عام، وتعدُّ تلك أقدم كنيسة فى التاريخ لأنها شهدت طفولة المسيح عليه السلام. بعدها كانت محطتّهم الأخيرة بمغارة فى «جبل درنكة» بأسيوط، لتبدأ بعدها رحلة العودة إلى أرض فلسطين.
طوال تلك الرحلة الشاقة القاسية، كانت أرضُنا تذوبُ رحمةً تحت قدمى الفتاة التى اصطفاها الُله لتحملَ فى خِصرها الرسولَ المُطّوب؛ فكان وأمُّه آيةً. تفجرت عيونُ الماء فى الصحراء القواحل، ونبتت زهورٌ بين طيّات الصخور، وتساقط فوق كتفى البتول، من جافّ النخيل، رطبٌ شهىّ يسُرُّ الناظرين. لهذا بارك الكتابُ المقدس أرضَنا الكريمة التى استقبلت المُصطفاةَ، وبارك ابنُها شعبَنا الطيبَ قائلا: «مباركٌ شعب مصر