عالم الارواح على بوابة العاصمة
إيمان العادلى
عالم الأرواح و الأشباح … عالم واسع فضفاض ، أشبه بمحيط بلا شطآن ، و بحر هائجة دائما أمواجه ،
الحقيقة فيه غائبة ، تائهة ، بل ربما تكون ضائعة ، لا وجود لها من الأساس ، مهما تكلم المتكلمون ،
و اجتهد المجتهدون ، و ادعى المدعون ، و تحدث المشعوذون .
هو عالم – بلا شك – مخيف ، مزعج ، يصيب ذوي الألباب ، أو من يرون أنفسهم كذلك ، بالحيرة
و الصدمة … حتى لو أعلنوا رفضهم لهم ، و كفرهم به …و على الشاطئ الآخر من النهر ،
هناك بلهاء يصدقون كل شيء ، و أي شيء ، يؤمنون بالأرواح و الأشباح و يعتنقون كل
ما يتصادم مع الدين ، فلا يخجلون من التبرك بضريح أو ببئر مهجورة ، و يصدقون أنهم قادرون على
التخلص من أمراضهم و أدرانهم و أوجاعهم ببركة هذا الشيخ أو ذاك الوالي .
إذا كنا من قبل … قد قمنا بزيارة إلى كهوف و شواطئ مسكونة ، و بيوت نجوم تلعب فيها الأشباح …
و هناك بيوت العامة أيضا مسكونة …مثلها مثل المقابر.
و في هذا هناك الكثير من التجارب المفزعة ، التي عانى أصحابها من وجود الأشباح في مساكنهم ،
فعاش بعضهم أسرى الخوف و الفزع و الكرب العظيم . قد يبدو الأمر للكثيرين أنه لا يعدو كونه خيالا
و أوهاما ، و لكن الواقع يكذب هذا الاعتقاد و يرفضه تماما .
و لتكن بداية ياسر الذي قال : أنه عند عودته إلى بيته ليلا … لمحت عيناه شخصا ينتصب أمام البوابة
الخارجية لمنزله ، فاعتقد من أول وهلة أنه جاء ليسأله في أمر ما ، و لكن سرعان ما اختفى عن ناظريه في لمح البصر .
و تلفت مذعورا يمينا و يسارا فلم يجد له أثرا ، تملكته حالة من الدهشة ، فكان الشخص ماثلا أمام عينيه ، فأين و كيف اختفى على هذا النحو من السرعة ؟!
لملم ياسر شتات نفسه ، التي تبعثرت فعلا ، و لكن الصدمات تجددت مرة أخرى ،
حين دلف إلى منزله ، فوجد نفس الشخص ، الذي رآه آنفا داخل منزله ، فكاد يفقد عقله ، إن لم يكن فقد جانبا منه .
ياسر وجده جالسا في غرفة الاستقبال ، و تهافتت الأسئلة المنطقية على رأس لمسكين ،
من بينها : كيف تسلل هذا الشخص إلى داخل المنزل الذي كانت جميع منافذه موصدة بإحكام ،
كما لم يكن أحد بداخله ، حتى يتطوع بفتح الباب له !
تضاعفت حيرته و أفقدته الصدمة صوابه ، حتى لسانه – رغما عنه – سكت عن الكلام المباح !
و تسمر في مكانه و كأنه أصيب بالشلل التام ، و حاول ياسر مواجهة الصدمة ، و تجاوز الموقف ، و تحرك لسانه ببطء سائلا الزائر الغريب عن هويته ، و لماذا أتى و كيف أتى ؟
و جاءت الإجابة أسرع مما يتوقع ياسر ، لم ينطق الزائر ببنت شفة ، تاركا وراءه العديد من علامات الاستفهام ، بينما لم يبرأ ياسر من هول الصدمة
الشبح
تلك القصة من المؤكد أنها ليست قصة نادرة فقد تكررت بشكل مشابه مع إحدى السيدات ،
كانت السيدة في جلسة ساهرة مع صديقاتها فوق سطح البناية التي تقطنها ، و فور رحيل
صديقاتها … همت بتنظيم المكان ، و بينما هي منهمكة في أداء مهمتها ، إذ بعينيها تصطدمان بجسد
شخص ، يقف على سطح البناية المواجهة ، فأصيبت بهلع ، و تركت كل ما بيدها ،
و هرعت إلى شقتها بالطابق الثاني ، و فيما كانت تمرق كالسهم على الدرج ، إذا بها ترى نفس
الشخص الذي رأته قبل لحظات أمام عينيها ، سرت قشعريرة في جسد المرأة ،
التي فقدت أعصابها تماما ، و أدركت أنها أمام شبح أو عفريت و أغمضت عينيها لحظة
و حين فتحتها لم تجد الشبح ، لقد اختفى تماما .
عادت إليها الروح من جديد ، تمالكت أعصابها ، قاومت ، حتى تمكنت من العودة إلى شقتها ،
مستعينة ببعض الآيات القرآنية ، التي نجحت في استعادتها من الذاكرة . تعرف بذلك السيدة
بأنها لم تمر بتجربة مثل هذه التجربة التي تعتبرها أليمة و مزعجة إلى حد كبير .
العجوز المنتحرة .
و تلك قصة ثالثة … بدأت أحداثها ، حينما كان أحد الأشخاص عائدا إلى منزله في ظلمات الليل ،
فلمح بصره عجوزا ، تقف أعلى منزل مرتفع نسبيا ، و كأنها تحاول القفز و كأني تبغي الانتحار .
و لم تمض ثوان ، حتى همت العجوز بالقفز ، و أعمض الرجل عينيه هلعا ، و أسرع الخطى
إلى منزله ، خوفا من أن يجد نفسه متورطا في قضية لا ناقة له فيها و لا جمل ،
و توهم أن يطالع خير ، في الصحف اليوم التالي ، لكن شيئا من هذا لم يحدث و بعد
مرور عشرة أيام أبلغه أحد أصدقائه أنه شاهد نفس المشهد ثم شاهده ثالث ، و هكذا .
ما يعني أن العجوز التي تنتحر في كل مرة ، ليست إنسانا عاديا بل روح ماتت صاحبتها من قبل .
احداث حقيقية