بقلم إيمان الوكيل
الجزء الثاني من بيت جدي هو باحة كبيرة تتوسطها طلمبة سوداء بيد طويلة تصب في حوض بمصفاة تصب في بئر الصرف(طرنش)
بالصالة عدة ابواب ، على اليمين غرفة للخزين ثم باب حظيرة المواشي ( الزريبة)
وكانت كبيرة المساحة بجانبه باب غرفة تخزين التبن والكسبة طعام المواشي ، يليها
سلم خشبي يهتز مصدرا اصوات طقطقة خشبية – كنت اخشى سقوطه – لكنه ظل
متينا حتى هدم البيت ، يليه الفرن البلدي ثم اقصى اليسار باب الحمام وكان هذا هو
الجزء الاصعب في حياتي في بيت جدي -يليه لسعات الناموس المؤلمة – فهو عبارة عن طوبتين بينهما حفرة دائرية سوداء ، مظلم مهما أُنير ب مصباح الجاز
والأهم هنا هو السلم والطلمبة اللذان كلما تذكرت صوتهما دمعت عيناي حنينا ، وكأني اسمع نداءاتنا للعب و أشم رائحة القش و عيدان القطن الجافة التي تستعمل ك وقود
للفرن ، والسطح به مقعدان كنا نقيم بهما وأسرتي فترة اجازتنا بعد وفاة زوجة ابي الاخيرة ( كانت تقيم في احدهما )
كنا إذا لعبنا واخوتي مع ابناء عمي السيد فوق السطح نسقط في حفر ( الناروزة )
المفتوحة لإضاءة وتهوية الغرف السفلية ، ولا يسقط ابناء عمي فيها ابدا فهم يحفظون اماكنها
في الغرف السفلية تقيم أسرة عمي السيد الوكيل الذي تولي فيما بعد مشيخة البلد
والطلمبة في دار عمي كانت سبيل للبيوت المجاورة يملأون منها الماء كما يشاءون ،
وبلغت سعادتي السماء حين استطعت تجميع كل قواي وتركيزها إلى ذراعاي لأضغط ذراع الطلمبة ليتدفق منها اطيب ماء يمكن ان تشربه ، كان الماء منها بالنسبة لماء
الشرب بالسويس المالح قليلا وكأن به سكر ، كنت اسعد أيما سعادة عندما تأتي شقيطة ابنة عمي السيد ( على اسم جدتي ) بالبهائم لتشرب من الحوض صباحا
ومساء لأسرع بتحريك ذراع الطلمبة لكنها ثلاث او اربع ضغطات واشعر بالتعب وتضحك
شقيطة لتأتي وتدير الطلمبة عشرات المرات وانا بجانبها مبهورة بها وبعدم خوفها من الجاموسة الضخمة السوداء واضحك عندما تقول شقيطة ان الجاموسة طيبة
ومن المعروف لكل من سكن وعاش بالقرى عن الطلمبة انها تحزن لموت طيبين البيت وتعطل
وهذا ماحدث بعد وفاة جدتي ثم بعد سنوات طويلة لوفاة زوجة جدي لكنها لم تصلح بعدها ابدا