طهواي قريتي (٥)
الحب الأخير في حياة جدي
بقلم إيمان الوكيل
ذات يوم بعد وفاة جدتي وأثناء حصاد ما لم يذكروه لي ، وعلى غير عادة جدي ذهب إلى تفقد العمل
بالحقل ( الغيط) ، كان دائما مايوكل العمل إلى” خولي ” والخولي هو رئيس العاملين في الحقل ومن يتفق على العمل مع العمال ( الأجيرة ) ويأمرهم وينهاهم
كان جدي لا يحب الحر ولا حرارة الشمس او التراب في الحقل
كانت هناك أرملة تسعى على ابنائها بعد وفاة زوجها ، كان ترضع طفلها الأصغر من شق أسفل الإبط في
جلبابها ك عادة الأجيرات في الحقول ثم تضع الطفل اسفل أي شجرة ثم تقوم إلى العمل ، كانت على قدر كافي من الجمال للفت نظر جدي
ولفترة العمل كلها تعجب الجميع لحضور جدي يوميا بل وتناول طعامه مع العمال (الأجيرة)
فمن المتبع ان يأكل الخولي وصاحب العمل وحدهما من طعام يختلف عن طعام العمال ، لكن وعلى
طريقة الافلام القديمة جلس جدي وأكل وسط العمال …. يوميا
بعد نهاية العمل لم يطق جدي عدم رؤيتها فتقدم لخطبتها وبالطبع وافقت في حين كان إعتراض الجميع
( إعتراض طبقي ) ، لكنه اصر وتم الزواج واضطر لشراء منزل خاص لها بعيدا عن زوجاته الاخريات في بداية الحارة الكبيرة ( ذكرناها سابقا ) لعدم تقبل الجميع فقط لزواجه من أجيرة بل وأرملة وليست بكرا
( فكر طبقي عنصري) ،ونسوا انها شابة جميلة صغيرة جدا بالنسبة له وانها الزوجة الخامسة
وانجبت له طفلين صارا جدان الآن وهما الباقيان من اعمامي على قيد الحياة ، اطال الله اعمارهما
كانت جدتي هنومة آخر زواج له لكنها ليست آخر حب ، فقد تردد على مسامعي انه قبل وفاته كان ينوي الزواج من شابة صغيرة يقال في الثامنة عشر من عمرها والأغرب موافقة ذويها ، لكن والحمد لله الموت
لم يمهله لتنفيذ تلك الجريمة كما يمكن تسميتها في وقتنا هذا إنما في زمنه كانت زيجة لقطة للشابة المسكينة
نعود لزوجة جدي الأخيرة “هنومة ” وهي الوحيدة التي عاصرتها من زوجات جدي
كانت حنونة جدا طيبة ، حكى لي أبي انها شكته إلى أبيه في امر ما ، غضب أبي وخاصمها عشر
سنوات ، الغريب في الامر انها خلال العشر سنوات كانت تعد الطعام لأبي وتغسل ثيابه وتعد له زيارة الطعام لزملائه اثناء فترة خدمته العسكرية
كنت كلما زرت طهواي وحدي دون اسرتي، واقامتي عند عمي السيد تصر على دعوتي على الغداء وتعد الطعام وكأني فرد كبير ولست طفلة ، وكانت علاقة أبي بها ممتازة بعدما كبر ، وكان يعاملها ك عماتي
رحم الله زوجة جدي وحبه قبل الأخير