
ركن الطفل في مهرجان الظفرة البحري.. رحلة بين ألوان التراث وأمواج المعرفة
كتب:إبراهيم عمران
في حضن البحر، حيث تلتقي أمواجه برمال الزمن، يفتح ركن الطفل في مهرجان الظفرة البحري نافذة على الماضي، ليحمل الصغار في رحلة استكشافية تعيد إحياء التراث البحري بأسلوب ممتع ومبتكر. هنا، لا يكون التراث مجرد حكايات تُروى، بل تجربة تُعاش بألوانها وتفاصيلها الحية، حيث يتعلم الأطفال، ويرسمون، ويكتشفون أسرار البحر كما عرفها الأجداد.
تبدأ الرحلة داخل ورشة تلوين رسومات تراثية، حيث تتجسد أدوات البحر القديمة ومراكب الغوص وشباك الصيد على الورق، ويغمس الأطفال فرشاتهم في ألوان الإبداع بينما يتعرفون على أسماء هذه الرموز البحرية وقصصها. لكن الحكاية لا تنتهي هنا، بل تمتد إلى الواقع من خلال جولة ميدانية تفاعلية، تأخذ الأطفال إلى مجسمات حقيقية للسفن والأدوات البحرية، حيث تتلاقى الخيال بالواقع، والصورة بالملموس، ليعيش الطفل التراث بكل حواسه.
وفي أجواء مليئة بالحماس والتفاعل، يتحول الركن إلى خلية نابضة بالحياة، حيث تتعالى ضحكات الأطفال وسط نشاطاتهم الإبداعية، ويتبارون في تلوين أجمل الرسومات التراثية، بينما يحفّزهم المشرفون على التعرف إلى مزيد من التفاصيل حول ماضي البحّارة والغواصين. كما تعمّ الأجواء روح المنافسة البريئة بين الصغار، الذين يتسابقون في معرفة أسماء السفن وأدوات الصيد، مما يجعل التجربة ليست فقط تثقيفية، بل ممتعة ومليئة بالحيوية. هذا التفاعل الحي يمنح الأطفال فرصة ليس فقط لاكتشاف التاريخ، بل ليصبحوا جزءًا منه من خلال اللعب والتعلم.
التوعية التراثية.. استثمار في المستقبل
وفي هذا السياق، أكد راشد خادم،قائد فريق التوعية والمعرفة في المهرجان، أهمية تعزيز وعي الأطفال بالتراث البحري، مشيرًا إلى أن “غرس التراث في نفوس الأطفال هو استثمار في المستقبل، فهؤلاء الصغار هم حملة الهوية، وهم من سيحافظون على إرثنا البحري للأجيال القادمة. إن تعريفهم بالمسميات التراثية والأدوات البحرية بأسلوب تفاعلي يجعلهم أقرب لهذا التاريخ العريق، ويعزز فيهم شعور الفخر والانتماء”.
وأضاف خادم راشد: “الهدف من هذه الفعالية ليس فقط تسلية الأطفال، بل تقديم تجربة متكاملة تدمج بين التعلم والمرح. عندما يلون الطفل سفينة الدهو، ثم يراها أمامه مجسمة بكامل تفاصيلها، يكون قد ترسخ في ذهنه شكلها، ووظيفتها، وتاريخها. هذا الأسلوب التفاعلي يساعدهم على فهم التراث بطريقة أقرب وأكثر تأثيرًا من مجرد السماع عنه.”
وأشار إلى أن التوعية البيئية جزء لا يتجزأ من هذا النشاط، موضحًا: “نحرص على أن نزرع في الأطفال حب البحر ليس فقط من منظور تراثي، ولكن من جانب بيئي أيضًا. فهم يتعلمون كيف كان أجدادهم يحترمون البحر ويحافظون على موارده، وكيف يجب علينا اليوم أن نواصل هذا النهج للحفاظ على بيئتنا البحرية للأجيال القادمة”.
ركن الطفل.. جسر بين الماضي والحاضر
هكذا، يصبح ركن الطفل أكثر من مجرد مساحة للعب، بل جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، وبين الأجيال، ليبقى التراث حيًا نابضًا في القلوب والعقول، تمامًا كما هو البحر، متجدد لا ينضب.