العاصمة

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن المرأة لها دور كبير فى المجتمع

0

متابعة /جمال صابرالعمامرى

بقلم \ الكاتب والمفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
نائب رئيس جامعة بيرشام الدولية بإسبانيا والرئيس التنفيذي، والرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بمملكة كمبوديا
مما لاشك فيه أن مجتمعنا بحاجة إلى إصلاح.. ولا بد أن تتعاون القوى مجتمعة على عملية الإصلاح هذه.. فلا الدولة وحدها.. ولا الفرد وحده.. ولا الرجل وحده.. ولا المرأة وحدها.. ولا البيت وحده.. ولا المدرسة وحدها.. ولا النظام وحده.. ليس واحدٌ من هؤلاء بمفرده يحقق الإصلاح المنشود.. بل لا بد أن تتعاون هذه المؤسسات كلها، والأفراد جميعهم على إقامة أسس الإصلاح ورعايته حتى يؤتي أكله.
والمرأة عامل مهم أساسي من عوامل الإصلاح.. ولا سيما إن كانت مثقفة، ونودّ في هذه الكلمة الموجزة أن نتبين واجب المرأة نحو نفسها وبيتها، لأن قيامه بهذا الواجب يؤهلها للقيام بواجبها في المجتمع.
الشعور بالمسؤلية
الخطوة الأولى التي تمكنها من ذلك كله أن تشعر بمسؤوليتها أمام الله.. أن تشعر بمسؤوليتها عن بيتها وأمتها.. وكون هذه المسؤولية أمام الله يحملها على مضاعفة الجهد والبعد عن التقصير؛ لأن تبارك وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. وهذا يقتضيها أن تنبذ اللامبالاة، والاقتصار على الاهتمام بشؤونها الخاصة، كما تفعل كثير من السيدات المثقفات في هذه الأيام، ويقتضيها أن تتحمل قسطًا من أعباء الإصلاح والبناء.. وإذا كانت الحياة الإنسانية لا يمكن أن تقوم ولا أن تستمر إلاَّ بالمرأة، فطبيعي أن تشارك المرأة في كل ما يتصل بهذه الحياة.
والخطوة الثانية أمور عدة تتصل برفعها من مستواها وإعدادها للقيام بمهمة الإصلاح ونذكر منها:
1- أن تزداد صلتها بكتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فكتاب الله هو الهدى والنور، وهو الحبل المتين، من تمسك به أفلح وهدي إلى صراط مستقيم وحيزت له السعادة الدنيوية والأخروية، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي البيان الشافي والنهج الواضح.
فما يليق بالمرأة المثقفة المسلمة أن تشغلها شؤون الحياة المتشعبة عن الرجوع إلى هذين المصدرين والتزود من معينهما.. نعم لا يليق أن يمر يوم دون أن تخصص وقتًا للاتصال بكتاب الله وسنة رسوله تلاوة وتدبرًا ووعيًا.
وينبغي أن تنتقل هذه الصلة الوثيقة بصاحبتها إلى ميدان التطبيق والالتزام، فتعنى بأن تكون حياتها ترجمة حية ناطقة لما جاء فيها، وتعنى بروحها وعبادتها الواجبة والمستحبة، فاليقظة الفكرية والتألق الروحي وسيلتان رائعتان تمكنان الراغبة في الدعوة من النجاح والعمل الجاد البناء.
2- ومنها أن تنمو ثقافيًّا عن طريق متابعة المطالعة والاستزادة من المعرفة، فذلك ينأى بها عن الإسفاف الذي تنحدر إليه كثيرات ممَّن ودَّعن القراءة والاطلاع بعد أن حملن الشهادات العالية.
3- ومنها أن تلزم نفسها بتهيئة الوسط الصالح الذي تحيا فيه وتتعاون معه على الخير، وتتبادل معه النصح، وألاَّ تكون صلاتها إلاَّ بمن يعينها على مهمتها الجليلة مهمة الإصلاح والبناء، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال عز من قائل: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)[الكهف:28].

4- ومنها أن تقوم بعملية مزدوجة بينها وبين نفسها، هذه العملية ترتكز على عنصرين:
أولها: تقويم عملها دائمًا بموضوعية محايدة، ونقدٌ ذاتي لتصرفاتها تناقش هذه التصرفات، كما لو كانت من امرأة غريبة.
وثانيها: التخطيط للخروج من الوضع الحالي إلى الوضع الأمثل بناء على التجربة التي عانتها وانتقدتها.
إن ما سبق ذكره يُعدُّ المرأة المثقفة المسلمة للقيام بواجبها الذي نجد له مجالين هما: البيت والمجتمع.
البيت قلعة حصينة
أما البيت فإنه القلعة الحصينة التي ما يزال أعداء الإسلام يوجهون نحوها سهامهم يريدون أن ينحوا كل أثر الإسلام عنه، ولم يستطيعوا حتى الآن اقتحامه والسيطرة عليه بصورة عامة، ولكنهم مع الأسف استطاعوا أن يتسللوا إلى بعض أعضائه عن طريق مناهج التعليم ووسائل الإعلام، وهم سائرون في عملهم التخريبي بمكر، ماضون فيه بتخطيط، وبمقدار غياب الوعي عن هذا البيت يستطيع هؤلاء الأعداء أن يحققوا أغراضهم بيسر وسهولة. والمرأة في البيت هي الدعامة الرئيسية، وواجبها صيانة بيتها من وسائل الأعداء المدمرة، والمحافظة على أن يستمر البيت بأداء مهمته الخالدة في تنشئة أبناء هذه الأمة على الإسلام وموالاته.
وهي – إن كانت مثقفة – تستطيع أن تجعل منه منطلقًا لتخريج الأبطال، وقد عرفنا – فيما يقصه علينا التاريخ من أنباء – عمالقةً كان للبيت المسلم تأثير كبير عليهم، ونستطيع أن نضرب مثلاً على ذلك: ابن تيمية الذي كان لبيته الفاضل أثر واضح في تنشئه على العلم والجهد والصلاح والإصلاح، وغيره كثير.
وعرفنا في العصر الحاضر عددًا من رواد الإصلاح والدعوة الإسلامية كان للبيت المسلم أكبر الأثر في تكوينهم.
وهي – إن كانت مثقفة مخلصة حكيمة – تستطيع أن تحمي أولادها وزوجها من الانحراف.. بل إنها – إن كانت قوية الشخصية – لتستطيع أن تصلح من أوضاع إخوتها ووالديها.. وتحملهم جميعًا على جادة الإسلام.
تنشئة الجيل المجاهد لا المترف
إن الجيل الحاضر جيل مترف مترهل أفسدته وسائل الراحة والرفاهية وعوامل التسلية والمتعة، حتى غدا بعيدًا عن الرجولة والاستقامة والصواب.. إن هذا الجيل لا يستطيع أن يستعيد الأرض ولا أن يزيل العار.
وحلُّ قضية الإسلام السياسية الكبرى (قضية فلسطين) لا يمكن أن يحققه إلا جيل مؤمن مجاهد.
وهذه مهمة المسلمة الواعية في البيت المسلم، وقد حدثنا القرآن عن نساء فضليات كان لهنَّ الأثر العظيم، من أمثال مريم وأم موسى وملكة سبأ، وامرأة فرعون. وقد حفل تاريخنا بالعدد الوافر من هؤلاء النساء على مر العصور من أمثال خديجة وعائشة وأم سلمة… وكثيرات.
إن سلامة البيت الذي يستقبل الوليد تضمن له السلامة النفسية والعقلية والصحية، وتغرس فيه القيم الأصيلة التي نحتاج إليها في حياتنا عامة وفي هذه المهمة العظمى يا أيتها الأخت الكريمة والله يسدد خطاك على طريق الحق.

اترك رد

آخر الأخبار