العاصمة

خُطُورة منع الزكاة

0
بقلم / محمـــــد الدكــــــرورى
كثيرًا ما حَذَّر النبي – صلى الله عليه مسلم – من
خُطُورة منع الزكاة، وذلك للآثار المدمِّرة للدِّين والدنيا، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال:
أقبل علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلَّم – فقال: (يا معشر المهاجرين؛ خمس خصال، إذا
ابْتُلِيتُمْ بهنَّ – وأعوذ بالله أن تدركوهنَّ -: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها؛ إلاَّ فشا
فيهم الطاعون، والأوجاع التى لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال
والميزان؛ إلاَّ أُخِذُوا بالسِّنينَ، وشِدَّة المؤنة، وجَوْر السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاَّ مُنِعُوا
القَطْر منَ السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله؛ إلاَّ سلَّطَ الله عليهم
عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله تعالى ويَتَخَيَّرُوا ممَّا
أنزل؛ إلاَّ جعل الله بَأْسهم بينهم) …
وعلى هذا الفَهم مَضَى أصحابُه الكرام من بعده، فعنِ الأحنف بن قيس، قال: جئتُ إلى ملأٍ من
قريش، فجاء رجل خشن الشَّعر، والثياب، والهيئة، حتى قام عليهم، فسلَّم، ثم قال: بَشِّرِ الكانزين
بِرَضْفٍ يُحْمَى عليها من نار جهنم، ثم يُوضَع على حَلَمَةِ ثَدْي أَحَدِهم، حتى يخرجَ مِن نُغْضِ كَتِفِه،
ويوضَعُ على نُغْضِ كتفِه، حتى يخرجَ من حلمة ثَدْيه، يَتَزَلْزَلُ، ثمَّ ولَّى، فجلس إلى ساريةٍ وتَبِعْتُه،
وجلستُ إليه، وأنا لا أدري، مَن هو؟ فقلتُ: لا أرى القوم إلاَّ قد كَرِهُوا الذي قلتَ، قال: إنهم لا يعقلون
شيئًا، قال لي خليلي، قلتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟ قال: النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر، أَتُبْصِرُ أحدًا؟)
قال: فنظرتُ إلى الشمس ما بقيَ النَّهار، وأنا أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرسلني في
حاجة له، قلتُ: نعم، قال: (مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ) وإنَّ هؤلاء لا
يعقلون، إنما يجمعون الدنيا، لا والله، لا أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله”؛
“صحيح البخاري” …
ولأجلِ ذلك كانتْ وقفة الصِّدِّيق أبي بكر رضي الله عنه لَمَّا منع الأعرابُ الزكاةَ، فعن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال: لَمَّا توفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدتِ العربُ، فقال عمر بن الخطَّاب
رضي الله عنه: يا أبا بكر، أتُريد أن تقاتلَ العرب؟ قال: فقال أبو بكر: إنَّما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلّم: (أُمِرْتُ أنْ أقاتِلَ الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة،
ويؤتوا الزكاة) واللهِ لو منعوني عَنَاقًا كانوا يُؤَدُّونَهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم لَأُقَاتِلنَّهم
عليه، قال عمر: فلما رأيتُ رأيَ أبي بكر قد شرح عليه، عَلِمْتُ أنه الحق؛ …. رضى الله عنه ….

اترك رد

آخر الأخبار