العاصمة

خطبة الجمعة القادمة عن الذكر حياة القلوب 

0

 

 

كتب اسلام محمد

 

لقد رغب الإسلام عن عبادة  من أجلّ وأرفع العبادات وأيسرها وأزكاها عند الله تعالى هذه العبادة له شأن كبير في حياة المؤمن، هذه العبادة  قال فيها  ابن تيمية رحمه الله تعالى: (إنَّ في الدنيا جَنَّة مَن لم يَدْخُلْها لم يَدْخُل جَنَّة الآخِرَة، قالوا: وما هي يا إمام؟ قال: مَحَبَّةُ الله تعالى وذِكْرُهُ)

فلقد حث الاسلام عن هذه العبادة  في آيات كثيرة، وأحاديث عديدة، صحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،  قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الجمعة:10]. وقال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } [الإنسان:25]. وبين أن ذكر الله أكبر من كل شيء فقال تعالى: { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } (العنكبوت: 45) ولتعلم يا عبد الله أنك إذا ذكرت الله ذكرك الله ؛ قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [152]} [البقرة:152]. قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا منه وقالوا. كيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني. ( إحياء علوم الدين ) . وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». ( متفق عليه ).

ويقول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 – 43] يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “فإذا فعلتم ذلك، أي: أكثرتم من ذكر الله تعالى ، صلى الله عليكم وملائكته”. ويقول الله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، ويقول الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]،

ذكر الله تعالى  هو حياة القلوب، فلا حياة لها إلا به، روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت”

فالذاكر لله  حي وان قبطت روحه والغافل عن ذكر الله تعالى ميت ولو سار بين الأحياء فهو ميت

روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم”، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “ذكر الله تعالى”.

وذكر الله جلَّ وعلا هو الطارد للشياطين والمخلِّص من وساوسها وشرورها وكيدها وحبائلها ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: 97، 98]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201] ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36 قال السعيد في تفسيره  ( يخبر تعالى عن عقوبته البليغة، لمن أعرض عن ذكره، فقال: { وَمَنْ يَعْشُ } أي: يعرض ويصد { عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } ومن أعرض عنها وردها، فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبدا، وقيَّض له الرحمن شيطانا مريدا، يقارنه ويصاحبه، ويعده ويمنيه، ويؤزة  إلى المعاصي أزا، )  وقال بن عباس كما جاء في تفسير  القرطبي( أي نسبب له شيطانا جزاء له  { فهو له قرين} قيل في الدنيا، يمنعه  من الحلال، ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة، ويأمره بالمعصية؛ )

وذكر الشعراوي في تفسيره   قصة الرجل الذي وضع مالاً في مكان ما، ثم نسيه، فقال له صديقه: اذهب إلى أبي حنيفة فعنده مَخْرج لكل المسائل، لأنني ذهبتُ إليه استفتيتُه في طلاق زوجتي لأنني قلت لها وهي على السُّلم: أنت طالق تُلقي بنفسها من على السُّلم.

المهم ذهب صاحبنا إلى أبي حنيفة وقال له: لقد وضعتُ مالاً في مكان كذا، ونسيتُ موضعه، فماذا أفعل؟ قال أبو حنيفة: ليس في هذا علم، لكنّي سأحتال لك: إذا جاء الليل اذهب وصَلِّ لله ركعتين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر يُهرج إلى الصلاة.

وفعلاً ذهب الرجل، وهو في صلاته جاءه الشيطان يُوسوس إليه بمكان المال حتى ذكَّره به، وفي الصباح قابل الرجلُ أبا حنيفة وقصَّ عليه ما حدث، فضحك أبو حنيفة وقال: والله لقد علمتُ أنه لنْ يدعم تُتم ليلتك مع ربك، فهلا أتممتها شُكراً لله؟ قال: سأفعل إن شاء الله.

ذكر الله -عباد الله- جالب للنعم المفقودة, وحافظ للنعم الموجودة؛ فما استجلبت نعمة وما حفظت نعمة بمثل ذكر الله -تبارك وتعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].

ذكر الله -جلَّ وعلا- محطُّ الأوزار، وتكفير السيِّئات، ورفعة الدرجات، وعلو المنازل عند الله -تبارك وتعالى-، فما حُطَّت الأوزار بمثل ذكره سبحانه، روى الترمذي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله -تبارك وتعالى-“، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: “من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد ا”  البحر  .والأحاديث في هذا المعنى كثيرة

اترك رد

آخر الأخبار