اولا التوكل على الله تعالى مع الأخذ بالأسباب ان الدين الإسلامي يحارب الكسل
والخمول والتواكل ويحس المسلمين إلى حسن التوكل على الله تعالى مع الأخذ
بالأسباب فقلد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حسن التوكل
على الله تعالى قال الله تعالى إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ” روى الإمام البخاري في
صحيحه قال : لما صعدَ كفارُ قريشٍ إلى الجبلِ ونظروا ؛ قال أبو بكر: يا رسولَ الله ، لو
نظرَ أحدُهم إلى أسفلِ قدميه لرآنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ،
ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! ” الله أكبر ، إنه التوكل والثقة بنصر الله تعالى لم يقل عليه
الصلاة والسلام “ما ظنك بنبي وصاحبُه ؟! ” لا ” ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إنها قاعدةٌ
عظيمة : أنَ كلَ اثنينِ صادقينِ مخلصين ؛ الله معهما ، لم يربطْ القضيةَ عليه الصلاة
والسلام به ، لم يقل “يا أبا بكر ، لا تخف ؛ لأنني أنا موجودٌ ، أنا رسولُ الله ” لا ، ربطَهَا
بقضيةٍ أصليةٍ ؛ حتى إذا تكررتْ في يومِنا الحاضرِ ؛ يتكررُ الهدفُ والسببُ والنتيجة ” ما
ظنك باثنين الله ثالثهما ؟! إذا أصابتك مصيبة وأنت معتصم بالله ؛ فلا تخف ؛ فأمامك “ما
ظنك باثنين الله ثالثهما ؟!” إذا ادلهمت عليك الخطوب من كل جانب فلا تحزن لأنك تقرأ “
ما ظنك باثنين الله ثالثهما ” إذا واجهك عدو فاعتصم برب العدو لأنك تتلوا ” ما ظنك باثنين الله ثالثهما ” إذا ..
القضيةُ ليست مربوطةً بأنه نبي ، لا ؛ لأن الله تعالى يقول ” إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ “
نبِيٌ وغيرُ نبي ، ما دام أنه على منهج النبي ” إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ” نصْرُ الله كان
نبيه ، كما نجد في هذا الأمرَ أن الأمرَ لا يتعلق بالقوةِ الماديةِ والضخامةِ المادية ؛ فكم
بذلت قريشٌ من أجلِ هذا الأمر، ولكنها لم تُحقِّقْ شيئا ونَصَر الله نبيَه صلى الله عليه
وسلمَ بوسائِله الضعيفةِ البسيطةِ الهزيلة ، لكنها الوسائل المادية ، أما وسائله الكبرى
فهي وسائلٌ عظيمة ، أقواها وسيلةُ الإيمانِ بالله سبحانه وتعالى والصدقِ معه والتوكل عليه والثقة بنصره .
قال لقمان لابنه : « يا بني ، الدنيا بحر غرق فيه أناس كثير ، فإن استطعت أن تكون
سفينتك فيها الإيمان بالله ، وحشوها العمل بطاعة الله عز وجل ، وشراعها التوكل على
الله ؛ لعلك تنجو ».وقال أحد الحكماء « التوكل على ثلاث درجات : أولاها ترك الشكاية ،
والثانية الرضا ، والثالثة المحبة ، فترك الشكاية درجة الصبر ، والرضا سكون القلب بما
قسم الله له وهي أرفع من الأولى والمحبة أن يكون حبه لما يصنع الله به ، فالأولى للزاهدين ، والثانية للصادقين ، والثالثة للمرسلين ».
وفي هذه الرحلة يعلم النبي صلى الله عليه وسلم امته كيف يكون التخطيط المحكم والترتيب الدقيق ضرورة من ضروريات النجاح وتخطي الأزمات فقد جهز النبي صلى الله
عليه وسلم راحلتين وااختار الصاحب وكان الخروج ليلا من بيت ابي بكر الصديق رضي الله عنه ثم كلف عامر بن فهير رضي الله عنه بتتبع اثرهما والعمل على إخفائها اخذ
بالأسباب وهو يدرك غاية الإدراك ان الله كفيل به وبي صاحبة غير أن الله تعالى أراد أن
يعلمنا أن سنة الله تعالى في كونه تقتضي الأخذ بالأسباب ثم تقويض الأمر إلى الله تعالى
ومن دروس الهجرة النبوية ترسيخ القيم الأخلاق التي قامت عليها الرسالة المحمدية قما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ومن أخلاق
الهجرة الأمانة وقد أمرنا الله بفعل بتاديت الامانه فقال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا
الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرً قال السعدي في تفسيرة الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان
وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا
يطلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك. وفي قوله: { إِلَى أَهْلِهَا }دلالة
على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها
ولقد تمثلت خلق الامانه في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ان اعداءه كان يلقبونه بالصادق الأمين ولم يجد افضل منه امانه وصدق ووفاء بالعهود وحفاظا على
الحقوق وحين هاجر أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بن أبي طالب رضي الله عنه أن ينام في فراشة وان ينتظر ليرد الأمانة المودوعه عنده إلى أهلها وهم قوما ناصبوه
العداء وحاربه واذوة ذلك لأن المؤمن لا يحل له الخيانة حتى مع اعداءة قال الله تعالى وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ وقال النبي
(1264) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برد الأمانة إلى صاحبها ، ونهى عن خيانة من خان .
وما زلنا نتعلم من دروس هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن ضمن دروس الأخلاق خلق الآثار والذي يعني تقديم الغير على النفس وتفضيلة في ما يحتاج الإنسان آلية
وهو خلق لا يتحل به إلا اصحاب النفوس السوية ويتجلى لنا هذا الخلق في موقف مؤاخات الأنصار والمهاجرين وليس أدل على ذلك من موقف عبدالرحمن بن عوف وسعد
ابن الربيع قال لعبد الرحمن إني أكثرالأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها قال بارك الله لك في
أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
مهيم قال تزوجت قال كم سقت إليها قال نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب شك إبراهيم
وهذه العفه لم تكون في عبدالرحمن بن عوف وحده بل كانت سمه عند جميعا المهاجرين رغم فقرهم وشدة حاجتهم {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ