حكاية السد ……. و سد العجز
كتب د فوزي الحبال
الحكاية والمقال ( 3 )
وإذا ما أخذنا احتياجات التنمية والزراعة والكهرباء للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا ، وفي ظل نمو سكاني مرتفع جدا مصر 100 مليون ، إثيوبيا ١٠٧ ملايين ، السودان٤٥مليون ، فإن الحاجة الى المياه ستزداد ، وستكون من المواد ذات الندرة العالية ، وبحلول عام 2025 سيصل عدد سكان تلك الدول الثلاث الى نحو 285 مليون نسمة سيشكلون ضغوطا هائلة على اقتصادات تلك الدول ، ويضعها أمام مواجهات صعبة .
وتقول تقديرات خبراء المياه في مصر إن الإيراد السنوي للنيل الأزرق يبلغ 50 مليار متر مكعب في السنة ، طلبت مصر من إثيوبيا ألا يزيد الحجز السنوي وراء السد عن 10 مليارات متر مكعب من الملء في السنة كمعدل وسطي ، وهذا العجز يقسم مناصفة بين مصر والسودان ، أي أن الخرطوم والقاهرة ستتحمل كل منها 5 مليارات متر مكعب عجزا سنويا أثناء سنوات الملء الأول للسد ، وباستطاعة مصر في هذه الحالة سد العجز من مخزون المياه بالسد العالي ، على ألا يقل منسوب بحيرة ناصر عن 165 مترا ، وهو الحد الذي يحمي مصر مائيا في فترات الجفاف ، إضافة الى الاستعانة بمحطات التحلية من مياه البحر ، وعمل قناطر اسيوط الجديدةو واكبر سحارات في العالم بسرابيوم التي قربت علي الانتهاء وايضا انفاق مياه اسفل قناة السويس وترعه السلام .
تتجه آراء الباحثين والمعنيين بأزمة السد الى القول بأن الأزمة ليست بعدم الالتزام بالمعايير والمواصفات الفنية تحديدا ، بل هي في أحد أوجهها تعبير عن موازين قوى تفرض إرادتها على الأرض ، فإثيوبيا حليف قوي لواشنطن في القارة الإفريقية ، وهناك لوبي إثيوبي قوي في أميركا يناهز الـ 400 ألف نسمة ، وتلك عوامل سياسية تزيد من صلابة الموقف الإثيوبي ، الذي اختار توقيتا مناسبا له للبدء بإنشاءات السد ، وهو ما يعد أضعف حالة ممكن أن تمر بها مصر ، أي أثناء ثورة 25 يناير 2011 والدولة مشغولة بما يحدث من تغييرات كبرى في الشارع .
من الصعب تحييد الأطراف الإقليمية عن التصعيد بملف السد ، لاسيما الدور الإسرائيلي الذي يقيم علاقات استراتيجية مع أديس أبابا ، ويتغلغل في تلك الدول من خلال مساهماته في قطاعي الزراعة والمياه ، الى جانب مصالحه السياسية التي تتوافق مع توجهات إثيوبيا بإزعاج وتهديد المصالح المصرية ، والبعض يذهب الى أن إسرائيل ستكون الرابح الأقوى من مشاريع الطاقة المقامة في دول حوض النيل ، أو سيوكل اليها دور موزع الطاقة على القارة الإفريقية بحكم العلاقات التي نسجتها مع تلك الدول .
وخلال السنوات التسع الماضية ، شهدت العلاقات بين مصر وإثيوبيا أنواعا من الشد والجذب وحتى التهديد أو التلويح بالحرب ، وآخرها تصريح لرئيس وزراء إثيوبيا ، سرعان ماتراجع عنه .
يبدو أن الحرب مستبعدة من الطرفين ، نظرا لكلفتها العالية بين دولتين تعانيان مخاطر جمّة في المياه والكهرباء ، فمصر تعيش تحت خط الفقر المائي ، وهو 1000 متر مكعب للفرد سنويا ، وحصة الشخص الواحد تصل الى 650 مترا مكعبا في المباني سنويا ، والاستهلاك الحقيقي للمصريين هو 75 مليار متر مكعب ، لا 55.5 مليارا ، وهي حصتها من مياه النيل .
بينما إثيوبيا ، البالغ عدد سكانها ١٠٧ ملايين نسمة ، هناك 70 مليونا منهم لا تصلهم الكهرباء .
و أن المواطنين في مدينة أصوصا على الحدود الإثيوبية – السودانية يحلمون باليوم الذي تنتهي فيه أعمال البناء وتشغيل السد لتغيير شكل حياتهم ، نتيجة توفير إمدادات الطاقة الكهربائية لقراهم ومدنهم ، وبدء حياة جديدة تتدفق معها الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل .
وللحكايه باقيه …….. ( 3 )
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.