العاصمة

حقوق مهجورة

0

متابعة اسلام محمد

فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا : يا رسول الله مالنا بد من

مجالسنا نتحدث فيها فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس

فأعطوا الطريق حقه قالوا : وما حقه قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). متفق عليه واليوم نتحدث عن الحق الثالث من

حقوق الطريق

اهتمام الاسلام في إفشاء السلام

لقد اهتما الإسلام اهتمام بالغا في غرث الحب بين المسلمين ونشر الألفة والتودد، وتحقيق الصفاء والنقاء

بين عامة المسلمين، بل حرص الإسلام كل الحرص على إزالة أسباب البغضاء، الشحناء والكراهية بين

المسلمين، والهدف من ذلك كله هو من أجل أن يعيش المسلمون في مجتمعاتهم إخوة متحابين، متوادين متناصحين متماسكين

ومما يحزن القلب، ويضيق به الصدر، ما يلحظ على كثير من الناس في هذا الزمن من تجاهل لسنة السلام،

وغيابه عن واقعهم، حتى فشا الهجران عند كثير من المسلمين، بل فشا الهجران بين القريب وقريبه، والجار وجاره، وفي أحيان بين الابن وأبيه، والأخ وأخيه

-نسأل الله السلامة والمغفرة، ونعوذ بالله من العقوق، وقطيعة الأرحام-.

كيف يليق بمسلم ان يرى أحد اقاربه فيصد عنه كيف يليق لمسلم اذا راء جارة او صديقة فيبتعد عنه اما

سمعت ايها المسلم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذا الصنيع “لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق

ثلاث ليال يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”. وقال: “لا يحل لمؤمن أن يهجر

مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وأن لم يرد فقد باء بالإثم، وخرج المسلم من الهجر”.

 

وصَحَّ عن النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه قال: ((والذي نفسي بيده، لا تَدخُلوا الجنَّة حتى تُؤمِنوا، ولا

تُؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعَلتُموه تحابَبتُم؟ أفشوا السلامَ بينكم))، وجعَل – صلَّى الله

عليه وسلَّم – التسليم على المسلم عند مُلاقَاته حَقًّا من حقوقه المتحتِّمة، فإذا التَقَى المسلمان فخيرُهما الذي يَبدَأ بالسلام؛ كما في “صحيح مسلم” أنَّ النبي – صلَّى

الله عليه وسلَّم – قال: ((حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ: إذا لقيتَه فسَلِّم عليه، وإذا دَعاك فأجِبْه، وإذا استنصحاك فانصَحْه، وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته –

أي: قل: يرحمك الله – وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتبعه – يعني: شَيِّع جنازته إلى قبره)).

ولَمَّا سُئِل – صلَّى الله عليه وسلَّم -: أيُّ الإسلام خير؟ قال: ((تُطعِم الطعامَ، وتَقرَأ السَّلام على مَن عرَفتَ ومَن

لم تَعرِف))؛ متفق عليه. وفي البخاري عن عمَّار – رضي الله عنه – قال: ثلاثةٌ مَن جمعهنَّ فقد استَكمَل الإيمان: الإنصاف من النفس، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار.

ولهذا أيضًا كان إفشاء السلام من الدعائم التي أَرسَى عليها النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بُنيَان المجتمع

المسلم أوَّل مقدِمِه المدينة مهاجرًا؛ كما أخبر بذلك عبدالله بن سلام – رضي الله عنه – فقال: لَمَّا قَدِمَ

رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – المدينة انجَفَل الناسُ عنه، فلمَّا رأيتُ وجهَه علمتُ أنَّه ليس بوجْه كذَّاب، فسمعتُه يقول: ((أفشُوا السلام، وأطعِمُوا

الطَّعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام، تَدخُلوا الجنة بسلام)).

واعلَمُوا – عبادَ الله – أنَّ السلام هو تحيَّتكم في الدنيا وفي الآخِرة؛ ففي الصحيحين: ((لَمَّا خلق الله آدم قال

له: اذهَبْ فسلِّم على أولئك النَّفَر من الملائكة، وانظُر ما يحيُّونك به، فإنها تحيَّتك وتحيَّة ذريَّتك، فذهب فقال

: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله))، فزادوه: ورحمة الله.

وقد نصَّ الله – عزَّ وجلَّ – بأنَّ السلام هو تحيَّة أهل الجنَّة فيما بينَهم، قال – تعالى -: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10]، وهو تحيَّة الله إليهم؛ كما قال – سبحانه -: ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ [بس : 58]، فأفشُوا السلامَ بينكم في هذه الدار،

تُحيَّوا به في الجنَّة دار القرار مع الأبرار.

ثمرات إفشاء السلام

فمن فوائد السلام: الخروج من داء البخل؛ فقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة -رضي الله عنه-

قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أعجز الناس من عجز في الدعاء وأبخل الناس من بخل في السلام”.

ومنها: أن السلام سبب من أسباب دخول الجنة؛ كما تقدم في الأحاديث السابقة.

ومنها: أن السلام والمصافحة سبب في تكفير السيئات، ومحو الخطيئات؛ فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه-

قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا”.

وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن المؤمن إذا لقي المؤمن،

فسلم عليه، وأخذ بيده فصافحه؛ تناثرت خطاياهم كما يتناثر ورق الشجر” [رواه الطبراني في الأوسط].

وعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن المسلم إذا لقي أخاه فأخذ

بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف، وإلا غفر لهما ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر” [رواه الطبراني].

ومن فوائد السلام: تحصيل الحسنات العديدة على عمل يسير لا يأخذ إلا ثواني معدودة؛ فعن عمران بن

حصين -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: “السلام عليكم، فرد عليه صلى الله عليه وسلم ثم جلس”، فقال النبي -صلى الله عليه

وسلم-: “عشر” ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال: “عشرون” ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد فجلس، فقال: “ثلاثون”.

ومنها: أن السلام سبب من أسباب تصفية ود أخيك المسلم، وفيه أداء لحقه؛ ففي صحيح مسلم عن أبي

هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله عليه وسلم: “حق المسلم على المسلم ست” قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال إذا لقيته فسلم عليه…” الحديث..

ومن ثمار السلام التي يجنيها المسلم: أوليته بالله -تعالى-؛ لما رواه أبو داوود والترمذي وحسنه؛ فعن أبي

امامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام”.

ولفظ الترمذي: قيل: يا رسول الله: “الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟” قال: “أولهما بالله -تعالى-“.

ومن آثار السلام الجليلة: أنه سبب من أسباب حصول البركة وحدوث الخير؛ فعن أنس -رضي الله – قال: قال

لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهلك” [رواه الترمذي].

هذه بعض ثمار السلام وفوائده التي يجنيها المسلم في حياته: (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)[الشورى: 36].

اترك رد

آخر الأخبار