وماذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: فعن أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أنَّ رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أَصِلُهُمْ ويقطعوني،
وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُمُ المل، ولا يزال معك من اللَّه ظهير
عليهم ما دمت على ذلك) رواه مُسْلِمٌ.
وعن أنس – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قال: ((مَنْ أحَبَّ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ له في أَثَرِهِ،
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) متفق عَلَيْهِ.
وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قال:(ليس الواصل بالمكافئ،
ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها))؛ رواه الْبُخَارِيُّ.
وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قال رسول اللَّه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قال: ((الرحم معلقة بالعرش تقول: من
وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه الله))؛ متفق عَلَيْهِ.
لقد أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه
وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين، ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.
وعلى الرغم من وصية الله ورسوله بالأقارب، وعدِّ الإسلام صلة الرحم من الحقوق العشرة التي أمر الله بها أن توصل
إلا أن جلّ المسلمين أضاعوا هذا الحق مثل إضاعتهم لغيره من الحقوق، أو أشد، مما جعل الحقد، والبغضاء، والشحناء،
تحل محل الألفة، والمحبة، والرحمة، بين أقرب الأقربين وبين الأخوة في الدين على حد سواء…
وصلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، ومن الكبائر.
قال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة).
وقال ابن عابدين الحنفي: (صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف،
وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل)….