تلويث نهر النيل إفساد في الأرض!
كتب: محمد جلاب
يواصل المستشار/ هشام فاروق رئيس محكمة استئناف الإسكندرية وعضو شرف نقابة القراء حديثه عن نهر النيل فيقول:
أسأنا نحن المصريون كثيرا إلى نهر النيل بسلوكياتنا القبيحة وتصرفاتنا المُدَمِّرة! ومن صور الإساءة إليه تلويثه! وهو باب كبير من أبواب الإفساد في الأرض يرتكبه الجميع! قضاء الحاجة من تبوّل وتبرّز في النهر وعلى ضفافه! واستحمام الكبار والصغار ، بل والحيوانات والدواب فيه! ليس من تلقاء نفسها طبعا ، بل بيد مالكيها من البشر! وغسل الأوعية والأواني والملابس فيه! وكأن هذا كله لا يكفي ، فصرفنا كل أنواع الصرف من صحي وزراعي وصناعي ، و ألقينا القمامة بكل أنواعها فيه! فأي إفساد هذا في الأرض وأي حمق وضلال؟! أصبح النهر ملوثا بكل أنواع القاذورات والمعادن الثقيلة والكيماويات المُسرطنة وصار غير صالح للشرب في أماكن عديدة منه ، وماتت الأسماك بالملايين فيه بسبب حماقة البشر! بل ومات البشر أيضا بسبب الأمراض الخبيثة وخصوصا أمراض الكبد والفشل الكلوي والسرطان!
ولا من أحد يتوقف ليقول للناس:أليس منكم رجل رشيد؟! ولا من أحد يُفكِّر أو يُذكِّر الناس بأن النيل في مصر اختلفت طبيعته بعد إنشاء السد العالي في ستينيات القرن الماضي إذ صار في المسافة بين السد ومصبه في البحر المتوسط أقرب إلى الماء الراكد من الماء الجاري ، وتباطأ جريانه كثيرا ، وركدت حركته بشكل كبير بعد ما كان يتحرك سريعا من قبل بسبب الفيضان واندفاع الماء الجاري مما كان يؤدي إلى غسل النهر من أي ملوثات لانجرافها مع الفيضان ومع اندفاع الماء إلى البحر! أما الآن فاعلم أن ما تلقيه أو تصرفه في النهر سيبقى في جوفه لأعوام مديدة ولأجيال عديدة! ستبقى تركة الإفساد وميراث الخطيئة لأولادك وأحفادك وأحفاد أحفادك…إلخ!
هل قلت:الخطيئة؟! نعم! لا شك في ذلك! يقول رب العزة جل وعلا:”كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”(البقرة-60). “وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ”(البقرة-205). “وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”(المائدة-64). “وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا”(الأعراف-56). “فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”(الأعراف-74). “وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ”(الأعراف-85). “وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ”(الأعراف-142). “إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ”(يونس-81). “وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”(القصص-77). “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”(محمد-22؛23؛24)
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:اتَّقوا الملاعنَ الثَّلاثَ (أي التي تجلبُ على فاعلِها اللعنةَ من اللهِ والناسِ):البَرازَ في المواردِ (طرق الماء) وقارعةِ الطَّريقِ والظِّلِّ.(حديث حسن ؛ أخرجه أبو داود وابن ماجة وغيرهما)
وليعلم كل مسلم أن أسوأ وأخطر وأعظم عقوبة يتعرض لها العبد هي اللعن! لا عقوبة أسوأ منها على الإطلاق! فإنها عقوبة إبليس ذاته لعنه الله! واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله! هذا معناه ببساطة أن يُغلق باب الرحمة والقبول والمغفرة دونك! ولا سبيل للدخول مُجدَّدا! إن الملعون المطرود لا سبيل له إلى التوبة غالبا! لأن الله لا يوفقه إليها كإبليس تماما! فهل أنت مُستعد لذلك؟!