لاحظوا كيف اقتصر على ذكر الخير فقط في قوله تعالى:”بِيَدِكَ الْخَيْرُ” فلم ينسب الشر إليه ؛ وإن كان سبحانه بيده الخير والشر والنفع والضر جميعا ، وهو على كل شيء قدير! فهكذا يكون حسن التأدب مع الله جل وعلا!
ويقول الحق تبارك وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:”الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ”(الشعراء – الآيات 78-82)
لاحظوا كيف نسب إلى نفسه المرض فقال:”وَإِذَا مَرِضْتُ”! إنه لم يقل:وإذا أمرضني فهو يشفين ؛ لأن المرض – في نظر الناس وعُرفهم – معنى نقص ومصيبة وشرّ ؛ فأسنده إلى نفسه مراعاة للأدب مع الله تعالى رغم أنه نسب وأسند كل الأفعال الأخرى في تلك الآية وما قبلها وما بعدها إلى الله تبارك وتعالى ؛ إذ لا يُضاف إليه سبحانه وتعالى إلا ما يُستحسن من الألفاظ والأفعال دون ما يُستقبح…(في هذا المعنى:تفسير القرطبي – ج11 – ص 39؛40)