بقلم إيمان الطحان القمة العربية الخماسية في الرياض.. تنسيق مشترك لمواجهة التحديات الإقليمية

 

 

في ظل تصاعد حدة التوتر بين الدول العربية والولايات المتحدة بسبب خطط الأخيرة لترحيل الفلسطينيين قسراً، وتهديدها بتجميد المساعدات لمصر والأردن إذا رفضتا استقبال اللاجئين من غزة. وتكثف واشنطن ضغوطها على الدول العربية ضمن ترتيبات ما بعد حرب غزة ووقف إطلاق النار، في محاولة لتنفيذ مخطط مثير للجدل، يواجه رفضًا عربيًا واسعًا.

 

ورفضت كل من مصر، الأردن، والسعودية هذا المخطط بشكل قاطع، مشددة على موقفها الرافض لأي مشاريع تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم. وفي هذا السياق، تستعد الرياض لاستضافة قمة خماسية تجمع مصر، السعودية، الإمارات، الأردن وقطر، بهدف توحيد الموقف العربي تجاه السياسة الأمريكية في القضية الفلسطينية. ومن المتوقع انعقاد القمة يوم 20 فبراير، تزامنًا مع إعادة ترامب طرح خطته، ما يثير تساؤلات حول مستقبل السياسة الأمريكية في المنطقة.

 

القمة الخماسية تمثل خطوة استباقية قبل القمة العربية الموسعة في القاهرة يوم 27 فبراير، حيث تسعى الدول العربية لتوحيد رؤيتها حول القضية الفلسطينية، وضمان موقف عربي موحد لمواجهة التحديات السياسية القادمة. ويعتقد مراقبون أن القمة ستؤكد على ضرورة حماية الحقوق الفلسطينية، بما في ذلك إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، رغم التحديات التي قد تعيق تنفيذ هذه التوصيات، خاصة في ظل السياسات المنحازة لإسرائيل التي ينتهجها ترامب.

 

وفي موقف حازم، جددت مصر رفضها القاطع لأي محاولة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، مؤكدة عدم مشاركتها في أي ترتيبات تغير التركيبة السكانية للقطاع. وبرز هذا الموقف من خلال تأجيل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، ما اعتُبر رسالة واضحة على استياء القاهرة من الضغوط الأمريكية. كما أن عدم عقد وزير الخارجية المصري لمؤتمر صحفي خلال زيارته الحالية لواشنطن يعكس حجم التوتر بين البلدين.

 

من جانبه، شدد الرئيس السيسي على أهمية إعادة إعمار غزة ورفض أي خطط ترحيل للفلسطينيين، وهو موقف لقي تأييدًا واسعًا داخل مصر والعالم العربي. وتؤكد مصادر مطلعة أن القاهرة ترى في أي محاولة لإفراغ غزة خطرًا على الأمن القومي المصري واستقرار المنطقة، ما يفسر موقفها الحازم في هذا الشأن.

 

ومع تصاعد الضغوط الأمريكية، تظل التساؤلات قائمة حول كيفية تعامل واشنطن مع الموقف العربي الرافض لخطة التهجير، وهل ستواصل ضغوطها أم ستعيد النظر في استراتيجيتها أمام الرفض الإقليمي والدولي المتزايد؟

 

القمة العربية المرتقبة في القاهرة يوم 27 فبراير ستكون اختبارًا للوحدة العربية في مواجهة المخططات الأمريكية، وسط تحديات اقتصادية وسياسية تهدد بإحداث انقسامات. كما أنها ستبحث في سبل دعم مصر والأردن لمقاومة الضغوط الاقتصادية التي قد تنجم عن موقفهما الرافض للخطة الأمريكية.

 

وفي تطور متصل، أكدت مصادر مصرية أن زيارة السيسي إلى البيت الأبيض ليست ضمن جدول أعماله الحالي، في ظل مشاورات مكثفة مع زعماء عرب، أبرزها مع ملك الأردن عبد الله الثاني، عقب لقائه مع ترامب. كما شهدت الرئاسة المصرية اجتماعات متتالية لوضع تصور حول إعادة إعمار غزة، بما يتماشى مع الموقف الرافض للتهجير.

 

وفي سياق آخر، دعت حركة حماس الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس للمشاركة في مسيرات احتجاجية ضد أي محاولات لترحيلهم قسرًا، مؤكدة أن إرادة الشعب الفلسطيني ستقف سدًا منيعًا أمام أي مخططات تهدف إلى تفريغ أرضه.

 

فيما يتعلق بملف وقف إطلاق النار، أكدت حماس التزامها بالاتفاق، مشددة على ضرورة التزام إسرائيل بكافة بنوده، لا سيما ما يتعلق بتبادل الأسرى. غير أن تهديدات ترامب لإسرائيل بشن حرب جديدة على غزة، في حال لم يتم الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين بحلول السبت، تضع الاتفاق على المحك.

 

وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن مصر وقطر تلعبان دورًا حاسمًا في تذليل العقبات أمام تنفيذ الاتفاق، وسط مباحثات مكثفة لضمان التزام كافة الأطراف به. ومع ذلك، تواجه جهود الهدنة تحديات كبيرة، أبرزها مماطلة إسرائيل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما يزيد من معاناة السكان في ظل الحصار المستمر.

 

في ظل هذه التطورات، يبقى المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات، فإما أن تنجح الجهود العربية والدولية في الضغط على واشنطن لإعادة النظر في خطتها المثيرة للجدل، أو أن تتفاقم الأزمة في ظل التصعيد الأمريكي والإسرائيلي، ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على مستقبل القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها.

اترك رد

آخر الأخبار