العاصمة

بر الوالدين

0

 

الكاتبة تهاني عناني

 

قال تعالى(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)(الاسراء24:23).

البر بالوالدين من الطاعات التي أمرنا الله بها عز وجل وشدد عليها في الشريعة الإسلامية، فجعل الإحسان إليهما مقدماً على باقي الأهل كالزوجة والأولاد والأشقاء لأنهما سبب وجود الإنسان في الحياة.

وعندما سأل بن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي) ( صحيح البخاري).

وخص الرسول صلوات الله عليه الأم بمزيد من الرعاية والتكريم فقد روي أن رجلاً سأله فقال: (مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ)(صحيح البخاري).

وذلك لما تحملته من تعب ومشقة في الحمل والوضع وتربية الأولاد وتنشئتهم نشأة صالحة. فقال تعالى في كتابه الكريم(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)(لقمان 14).

أي ضعف على ضعف.

وقال تعالى(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا)(الأحقاف15).

فكانت فضائلها:-

• هو أنه صلى الله عليه وسلم أمرنا بحسن صحبتها- تصديقاً لقوله تعالى(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)(الرحمن60).

• وأيضاً بين صلوات الله عليه مكانة الوالد وحقه في الرعاية والطاعة فربط رضا الرب وسخطه برضا الأب وسخطه فقال(رِضَا الرَّبِّ في رِضَا الوَالِدِ، و سَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِ الوَالِدِ) (صحيح الترمذي).

ومن بر الوالدين طاعتهما في كل معروف وخير وفي كل وقت وحين.

ونؤكد على لزوم طاعة الآباء في شهر رمضان فبر الوالدين من الأعمال الصالحة التي يضاعف بها الأجر في رمضان فالآباء لهم حق الطاعة على أولادهم في كل وقت وحين وفي رمضان أجرها عظيم وإن كان فيها تعب فالأجر على قدر المشقة فشهر رمضان فرصة عظيمة فاغتنموها بالطاعات وأقربها إلى الله بر الوالدين ابتغاء مرضاة الله وطمعاً في الأجر العظيم في رمضان.

ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة فكان يخيط ثيابه ويخصف نعله وكان يساعد نسائه في شغل البيت فكان يحلب شاته ويرفع دلوه، فهو سلوك نبوي عن حبيبنا وسيدنا رسول الله وكان يقول(خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي)(صحيح الترمذي).

وكما جعل ديننا الحنيف البر بالوالدين من أفضل القربات إلى الله جعل عقوقهما من كبائر الإثم قال صلى الله عليه وسلم (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ) (صحيح البخاري).

وربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم لم ينه الأبناء عن بر الوالدين المشركين بل أمرهم بصحبتهم بالمعروف قال تعالى(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(لقمان15).

ولا ينقطع بر الآباء بعد موتهم فهو ليس في حياتهم فقط فمن مظاهر البر بعد موتهم:-

* الاستغفار لهم والدعاء لهم لأنه يرفع من منزلتهم ويكفر سيئاتهم وذنوبهم لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ ، وعلمٍ ينتفعُ به ، وولدٍ صالحٍ يدعو له) (صحيح مسلم).

* تنفيذ وصيتهم سواء بصلة رحم أو إكرام صديق أو جار لهم كانوا يحبونه لقوله عليه الصلاة والسلام عندما سئل يا رسول الله هل بقي من بر والدي شيء بعد مماتهما قال نعم (الصَّلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عَهدِهما من بعدِهما، وصِلةُ الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إلَّا بهما، وإكرامُ صديقِهما)

(سنن أبي داود).

اترك رد

آخر الأخبار