ومنذ ذلك الحين تنبه رجال المخابرات المحيطين بـ«هشام» في مجال العمل بالقاهرة، وفي لندن
كذلك بالأمر، في تلك الأثناء كان «كوشير» يضغط عليه بتهديده بأن الموساد يمتلك إيصالات بتوقيعه،
وصورة له معهم، وأوراق سبق أن سلمها إليهم بخط يده، وفي حالة رفضه العمل معهم سيرسلون تلك الأوراق إلى المخابرات المصرية.
ومن هذه اللحظة بدأ «كوشير» في الحصول على تفاصيل دقيقة من «هشام» بخصوص من يعرفهم من داخل القوات المسلحة من أقاربه.
بعدها بأيام توجه «كوشير» مصطحبًا «هشام» إلى إحدى الشقق السكنية، وهناك تعرف الأخير
على شخص آخر يُدعى «جورج»، والذي درب الجاسوس المصري على استخدام الحبر السري، وكذلك أسلوب استقباله للتعليمات الصادرة له منهم بواسطة الراديو.
ومن هذه اللحظة تلقى «هشام» التعليمات بالتعرف على المعلومات العسكرية، وفي المقابل بدأ
نشاط المخابرات المصرية، من خلال مد الجاسوس بمعلومات مضللة عن طريق أصدقائه، وذلك ضمن خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر 1973.
وتوجه «هشام» إلى فندق «رويال لانكستر» من جديد لمحاولة استجواب زملاءه في إحدى شركات
الطيران فيما يخص المسؤولين الذين يستقلون الطائرات، ويحاول معرفة آخر أنباء أصدقائهم العاملين
في القوات الجوية، وأماكن القواعد العسكرية كذلك، لكن أغلب ما جمعه كان ضمن خطة «التضليل» التي أدتها المخابرات المصرية.
المعلومة الأبرز حسب رواية الموقع تمثلت في أن طائرات سلاح الجو المصري سوفيتية الصنع
ستصبح خردة في ظرف شهور إذا استمر تباطؤ موسكو في إمداد القوات المسلحة بقطع الغيار،
وأن النسبة الغالبة من المعدات الخاصة الموجودة في قاعدة كوم أوشيم، لا تستطيع الصمود في معركة يزيد طولها على 48 ساعة.
إضافةً إلى معلومات تتعلق بتوجه أغلب قادة الجيش إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة،
بجانب نفيهم وجود احتمالات بشن القوات المصرية لأي هجوم، وهي المعلومات التي نقلها «هشام» إلى الجانب الإسرائيلي.
بهذه الأحداث ظن «هشام» أنه أدى واجبه على أكمل وجه، لكنه فوجئ، في الثانية ظهر يوم السادس
من أكتوبر، بسماعه عبارة «الحرب قامت.. ومصر وسوريا هاجمتا إسرائيل!» خلال سيره في الشارع.
بعدها عاد «هشام» مسرعًا إلى منزله، وأرسل خطابات للموساد على العناوين المحددة له، ولكن لم تصل للجانب الإسرائيلي لحيازة المخابرات المصرية لها قبل العدو.
وفي أعقاب الحرب توجه «هشام» إلى إسرائيل بجواز سفر يحمل اسمًا مزيفًا من مطار «أورلي»
بفرنسا، والتحق به «كوشير»، وهناك قرروا إعادة تدريبه من جديد، وعاد إلى فرنسا بجهاز لاسلكي.
بعدها بفترة ذهب «هشام» إلى القاهرة من جديد، وعلى الفور توجه رجال المخابرات إلى محل إقامته بعد خروجه منه، وعطلوا جهاز اللاسلكي، ليعود مرة أخرى لإسرائيل ويدربوه على جهاز آخر يتم إخفاءه في ثلاجة صغيرة.
ومن هذه النقطة نسقت السلطات مع نيابة أمن الدولة لإلقاء القبض على «هشام»، ونجحت العملية.
وأجرى رجال نيابة أمن الدولة التحقيق مع «هشام»، والذي اعترف فيما بعد أمام القضاء بخيانته،
وصدر قرارًا بإعدامه، لكنه توفى قبل تنفيذ العقوبة عليه، ورجحت الأقاويل أنه مات منتحرا، حسب
المذكور بالموقع، لتنطبق عليه جملة عزت العلايلي في نهاية فيلم بئر الخيانة «عاش خاين ومات كافر».
انتهي
المصادر:
الكاتب أ. خطاب معوض خطاب
كتاب “أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور” محمود عبد الله.
كتاب “كل شيء هادئ في تل أبيب” حسني أبو اليزيد.
برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.
كتاب “جواسيس الموساد العرب” فريد الفالوجي.
جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.
أرجو ان تكون الحلقات نالت أعجابكم
والي اللقاء في حلقات اخري
نشكركم علي حسن تعاونكم معنا