طارق سالم
لعل إحياء المولد النبوي الشريف مدخل للعودة الصادقة ولتحمل المسؤولية في تمثيل الدين أحسن تمثيل ونقطة انطلاق لهذا
الدور الكبير الذي قال سبحانه وتعالى (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وحتى نكون واقعيين فكل هذا
الأمل ليس على هذه المناسبة فقط ولكنها خطوة وبداية في الطريق الصحيح وفرصة للفت أنظار العالم إلى العلاج من
أمراضه وفرصة لأن نرتب صفوفنا كأمة ونوحد جبهتنا الداخلية حتى نقدم دينه بسلوكنا وواقعنا وصورتنا الموحدة خلف قيادة
الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وإن كل أبناء الأمة يستشعرون أهمية هذه المناسبة في إحياء مشروع الوحدة الإسلامية بين كل أبناء الأمة هذه المناسبة
التي لن نجد لها مثيلا في كل مناسباتنا بل إنها الأمل الوحيد الذي يعول عليها الغيورون على الأمة في تضييق الفجوة بين أبناء
الأمة والتي يعمل الأعداء على توسيعها وتعميقها..
فالاحتفال بمولد النبي الأكرم بوعي يعد محطة انطلاق نحو مولد جديد لأمة قوية منتصرة مستقلة تكتسب هيبتها وتحتل
مكانتها العالية بين الأمم كشاهدة على الناس كما أراد الله لها وكما كان أول مولد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم باكورة
ميلاد أمة الإسلام فبإمكاننا أن نجعل من هذه المناسبة في هذا الزمن مولداً لأمة مهابة الجانب ذات سيادة واستقرار وحضارة إنسانية.
فالمولد النبوي هو المناسبة التي يمكن أن تمثل رمزاً للوحدة الإسلامية عندما تقام في كل دولة إسلامية فإنها تدل على
القاسم المشترك والرابط الموصل بين كافة الشعوب لأن هناك عيدا وطنياً لكل دولة يختلف زمانا ومكانا ودلالة من دولة إلى
أخرى أما مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه مناسبة الجميع وإنه يذكر أبناء الأمة وشعوبها عندما تحييه بالرابط
والعلاقة القوية بينها وأنها جسد واحد مهما فرقتها الحدود الجغرافية كما أنها تهيج الأشجان إلى الوحدة الإسلامية وتذكر بعضنا
مآسي بعض شعوبنا في بعض الدول والشعوب أما إذا لم تحيه الأمة فإن دلالة ذلك أن الأمة بعيدة عن أمل الاتحاد ودليل على
حجم الهوة بين شعوب الأمة.
الإحتفال بهذه المناسبة دليل على لين القلب ورقة الفؤاد وخشوع الإنسان : ودلالات ذلك
• يدل الاحتفال الكبير بالمولد على صحوة إسلامية ففي الوقت الذي تجتمع مئات الآلاف حول ملاعب الكرة أو من أجل زعيم
سياسي أو في الوقت الذي نرى فيه المجتمع قد تأثر بالغزو الثقافي في ملبسه وشكله وثقافته فإننا عندما نجتمع بمئات
الآلاف من أجل رسول الله وتعظيماً له فإن هذه اللوحة الكبيرة تعكس صحوة إسلامية مبشرة فلقد كان معظم الشباب
مغرمين بثقافة الموضة والأفلام والحلاقة الأجنبية فلما أقيمت هذه المناسبات بهذا الشكل حصل تغير ملموس وصحوة كبيرة
خصوصاً في أوساط الشباب فإذا هم يحبون الله ورسوله
• المولد النبوي الكريم يظهرنا أمام العالم بأننا أمة ذات حضارة لها جذور ولها سمات وخصوصيات لا يمكن أن تذوب في بوتقة
العولمة مع مشاريع الغزو الثقافي بينما عندما نحتفل مع شعوب العالم بعيد المعلم وعيد الأم وعيد العمال وغيرها ولا نحتفل
بهذه المناسبة الخاصة بنا فإن ذلك مؤشر على فقدان الارتباط بالأصل الأول ودليل على نجاح مشاريع التغريب في أوساط الأمة..
• الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يدل على أن مشروع الوحدة أقوى من مشاريع التمزيق والتفتيت فأعداء الأمة يتابعون بقلق
بالغ فعاليات الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم يعتبرونه مشروعاً إحيائياً للأمة ولا ننسى ما قاله أول رئيس
وزراء لإسرائيل (إننا نخشى أن يظهر في العالم العربي محمد جديد) ولذلك فالمولد يعتبر تحررا من الغزو الثقافي والهيمنة
الفكرية الغربية وانتصارا عليها وتحديا لها وخطوة هامة في مواجهته..
• فالوحدة الإسلامية لا يمكن أن تتم إلا إذا كان التوحد والالتفاف حول الرسول الكريم فلا يمكن أن نتوحد تحت راية شخص إلا
إذا عدنا إلى الرسول عودة جادة وصادقة – ونحن معتقدون مقتنعون أن بإمكان الرسول الأكرم ومن صلاحياته أن يجمعنا على
كلمة سواء وأن نجتمع وراءه على القواسم المشتركة الهامة مع التسامح فيما اختلفنا فيه لأننا جميعاً نردد اسمه ونشيد
برسالته صباح مساء ومرارا وتكرارا على مستوى اليوم الواحد من أعمارنا.