إيمان العادلى
ولو نظر كل منا إلي حياته لوجد أنه قد مر فيها
بأوقات توقفت فيها كل الأسباب، و أحس باليأس القاتل.. وجلس يقلب المشكلة فلا يجد حلا.. ثم
فجأة يأتى الحل من حيث لا يعلم ولا يدرى. إذن فالله سبحانه و تعالى قائم على ملكه، تفزع إليه
النفس المؤمنة فى حالة اليأس فتحس بالاطمئنان و الطمأنينة.. لأن الله سبحانه وتعالى يسمع و يري
وهو قائم على ملكه لا يتركه أبدا.
ثم تمضى الآية الكريمة ” لا تأخذه سنة ولا نوم” ولا تأخذه أى أنه لا ينام أبدا ولا يغفل.. وهنا يريد
الله أن يزيد اطمئنان النفس التى يصيبها الفزع من هموم الدنيا، يريد أن يعيد إليها الطمأنينة و الامان
. يقول سبحانه وتعالى ” لا تأخذه سنة” أى لا يغفل عن شئ أبدا ولا لحظة، ومن هنا فإن هذه النفس
المؤمنة تكون مطمئنة لأن الله سبحانه وتعالى ليس غافلا عما يعمل الظالمون… ” لا تأخذه سنة”
وتكون هذه النفس فى حياة طيبة تنام ليلها ملئ جفونها.. لماذا ؟ لأن الله سبحانه وتعالى لا ينام..
ومن هنا فإنه يقول لصاحب النفس المؤمنة.. نم أنت ولا تخشي شيئا فإننى لا أنام.. أنا أحرسك و أنت
نائم و أنت مستيقظ.. فلا تدع القلق يدخل نفسك و تجسب أنك إن نمت ليلك نال منك أعداؤك..
تذكر دائما و أنت ذاهب إلى فراشك لتنام و القلق يملأ قلبك فإننى أنا الله لا أنام و أعرف و أشهد كل شيء فكن مطمئنا لى، وكن مطمئنا لحمايتي.. و إذا كان الإنسان ينام مطمئنا إذا وضع على باب منزله حارسا أو خفيرا أو رجلا ساهرا لا ينام الليل، فكيف بمن يحرسه الله وكيف يكون الأمن الذى يحس به وهو يعلم أن القوة التى خلقت هذا الكون كله و أوجدته هى التى تحرسه.. ومن هنا فإن المؤمن يحس دائما بالإطمئنان إلى الله و بالأمان فى رعاية الله له وفى أحلك الأوقات و أشد اللحظات
المصدر
كتاب : معجزة القرأن.
للشيخ محمد متولي الشعراوي ج ٢