العاصمة

اللهجة العامية المصرية

0

إيمان العادلى 

أن نعرف أصل اللهجة العامية المصرية

من الأمور الشيقة والأكثر تشويقا خاصة وأنها تعتبر من أوسع

 اللهجات انتشارا وفهما بين العرب، ويرجع هذا الانتشار إلى الأفلام والمسلسلات والمسرحيات المصرية التي لاقت شعبية واسعة من بدايات القرن العشرين.

وتعتبر الأفلام المصرية توثيقا دقيقة للغة المصرية المستخدمة في كل مرحلة فلغة الأفلام القديمة تختلف عن اللغة المتداولة بين المصريين اليوم إلى أن الأمر يرجع إلى ما قبل ذلك بكثير.

كانت أول لغة مصرية مكتوبة هي اللغة “الهيروغليفية” ثم عرفوا “الديموطيقية” واخدت عدد من الأشكال المشهورة والمعروفة بين علماء المصريات.

وبعد انتشار الثقافة اليونانية في مدينة الأسكندرية عصر البطالمة، انتشار الديانة المسيحية في العصر الروماني

و بدأت تنحسر الكتابات الهيروغليفية لصعوبة رسوماتها وبدأ الإتجاه الى تحويل اللغة الى رموز أبجدية مثل اليونانية والفينيقية واللاتينية بدلا من مقاطع ورموز صوتية و أخدت اللغة شكلا جديدا بدخول بعض الحروف اليونانية وبعض الرموز الخاصة المكملة على نفس الكلمات ، وعرفت باللغة القبطية.

وبعد دخول العرب،ظل أهل مصر الأصليين على لغتهم التي يتكلمون بها فيمابينهم (اللغة القبطية)لأكثر من3قرون حتى اوائل العصر الفاطمي، وظلت اللغة العربية بلهجات اهل نجد واليمن (اوائل من استوطن مصر) محصورة في الفسطاط وبين العرب اللي عاشوا في المدن الأخرى مثل الاسكندرية ومدن الصعيد

ثم في العصر الأموي قرر الخليفة عبد الملك بن مروان تعريب جميع الدواوين (الهيئات الحكومية والوزارات) وإبطال اي لغات اخرى خلاف اللغة العربية في التعامل الحكومي في سائر الدولة الأسلامية ومنها مصر،

ورغم ذلك ظلت لغة المصريين (القبطية) منتشرة ومحكية في كثير من المدن لفترة، إلى أن بدأ المصريون في تعلم اللغة العربية ولكن ظلت نفس التأثيرات اللغوية القبطية في بناء الجملة بل وفي كثير من المفردات اللغوية، ومن هنا ظهرت لهجة جديدة من اللغة العربية

وأغلب الظن انها ظهرت اولا في مدينة الفسطاط واللي كانت عاصمة مصر في هذا الوقت ، وبدأت منها تنتشر بين المصريين في كافة المدن والقرى على مدار 3 قرون (حوالي 5 أجيال) لغاية سنة 1000م تقريبا بعدها اندثرت اللغة القبطية من استخدام العامة وانحسر استخدامها للأغراض الدينية فقط.

واخذت العامية المصرية من اللغة القبطية والهيروغليفية كثير من المفردات.

مثل كلمة (مم) التي تقولها الأم لمولودها وهي المأخوذة من الهيروغليفية (اونم)بمعنى (كل)

(امبو) و الماخوذة من كلمة ( امنموا ) القبطية بمعنى اشرب

(تاتا خطى العتبة ) وتاتا فى الهيروغليفية معناها (امشى )

وفى موسم الشتاء يهلل الاطفال لنزول المطر بقولهم ( يامطرة رخى – رخى ) وأصل كلمة

( رخى ) فى العامية المصرية هو ( رخ ) فى الهيروغليفية معناها ( نزل ) .

ولا تفوتنا الاشارة إلى اصل كلمة ( مدمس ) ومعناها الفول المستوى فى الفرن بواسطة دفنه او طمره فى

التراب والتى تشير الى اكثر الوجبات الشعبية لدى المصريين وهو كلمة ( متمس ) الهيروغليفية – اى انضاج الفول بواسطة دفنه فى التراب .

ومن الاكلات الشعبية ايضا التى اكتسبت اسمها من المصرية القديمة اكلة ( البيصارة ) واسمها القديم ( بيصورو ) ومعناها الفول المطبوخ .

وفى الحر يقول المصريون ( الدنيا بقت صهد ) وصهد كلمة قبطية تعنى نار

وكذلك لفظ (عبيط) (عا) بمعنى (حمار) في الهيروغليفية (بيت) بمعنى شخصية.

و(اللكاعة) لفظ مأخوذ عن القبطية وهناك المئات من الكلمات العامية المأخوذه عن القبطية والهيروغليفية وما ذكرنا هو لا يخرج عن كونه بعض الأمثلة .

وبفعل انتشار اللهجة اليمنية والنجدية دخلت بعض الكلمات والمصطلحات في اللهجة المصرية مثلا (عايز

ايه؟) فمصدرها من (ايش عائز؟) النجدية الأصل، بعد حذف (ش) واستبدال (ئ) بـ(ي) لسهولتها على اللسان، كمان استخدام أدوات الأشارة عند أهل اليمن (ذا “هذا”،ذي “هذه”، هذولي“هؤلاء”)

تحولت الى ادوات الأشارة المعروفة في لهجة اهر مصر (دا، دي، دول)، كمان تغيرت بعض الحروف اللي كانت ثقيلة على لسان المصريين زي حرف (ث) الى حرف (س) في نطق كتير من الكلمات العربية، وكمان (ظ) اللي تحول الى (ض) و(ذ) اللي تحول الى (د)

والفارسية أيضا كان لها حضور في العامية المصرية فمشهور لدى المصريين مصطلح كأن نقول على فلان (شرابة خرج) أي عديم الفائدة والخرج هو كلمة فارسة مأخوذه عن خورة هي كيس الزاد والشرابة هي غطاء من الشراشيب ونظرا لانها شرائح من القماش فهي عديمة الفائدة .

و(الطرشي) هي كلمة فارسية تعني مخلل

و(الدرزي) بمعنى خياط أو حائك

و(بخت) بمعنى حظ

وظلت اللهجة المصرية مرنة ويدخلها كل اليوم المزيد من الكلمات والمصطلحات التي اكتسبتها من العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية

فكلمة (أوضة) مأخوذة من اللغة التركية (كراكون) وهي كلمة قديمة استخدمت للتعبير عن قسم الشرطة ونطق حرف (ج) مختلف عند المصريين بسبب التأثر باللغة التركية وكذلك استبدال ال(ق) بالهمزة.

وتأثرت اللهجة المصرية باللغة الفرنسية فأصبح لدينا (كوافير) مصفف شعر وترتدي النساء (جيب) والتي تعني تنورة الفتاة و(الاوتوبيس) وكافة مصطلحات الميكانيكا مأخوذة عن الفرنسية مثل ( الفتيس) و(المارشدير) وال(الموتور) وتأثرنا بالـ (الإيطالي) كاستخدامنا لكلمة (بلياتشو) بمعنى مهرج.

إليكم أبرز ما نجده من ميزاتٍ تنفرد بها اللهجة المصرية دون غيرها من اللهجات العربية:

1-لا يلتقي فيها ساكنان.

2-لا يبدأ الكلام بحرفٍ ساكن.

هاتان الميزتان (الأمر الذي سنفصِّل فيه) هما اللتان تجعلان من اللهجة المصرية لغةً عربية فصحى ولكن بكلامٍ عامي

المستشرق ولفنسون في معرض حديثه المقتضَب عن العامية المصرية في كتابه “تاريخ اللغات السامية” من أنَّ “اللغة العامية المصرية حافظت على اللسان العربي الفصيح أكـثر من أخواتها في بلاد العراق والشام والمغرب

حيث كَثُرَتْ العناصر الأعجمية”، إذ قصد بذلك الإشارة إلى أنَّ الغالبية الساحقة من مفردات وأفعال العامية المصرية ذات أصل عربي فصيح.

تكوينُ جُمَلٍ من كل ما قد يتحدَّث به عامة المصريين في حياتهم اليومية قائمةٍ على أوزان بحور الشعر العربي الستة عشر أو على شطورٍ منها أو حتى على تفعيلاتٍ متفرقة،

وهو الأمر الذي لا يتوافر للهجات العامية العربية الأخرى.. كما سنرى أنَّ معظم نتاج الشعر الغنائي العامي في الأغاني المصرية قائمٌ على أوزان البحور الشعرية العربية المختلفة..

اترك رد

آخر الأخبار