“القطيعة بين الأخوات” ظاهرة تطفو علي السطح في مجتمعنا العربي
علاء حمدي
بقلم د : طراد بن علي سرحان الرويس
أصبحت ظاهرة “القطيعة بين الأخوات” تنتشر وتطفو علي السطح في مجتمعنا العربي بشكل كبير جدا في الاونة الاخيرة حيث تتمثل العلاقة الأسرية في المحبة والوفاق وتقدير كل فرد لباقي إخوته، وفي التضامن الذي يقوم على محاربة الأنانية وأن تعيشوا كالجسد الواحد يشدّ بعضه بعضًا في الأحزان والأفراح، يقول رسول الله عليه صلوات من رب رحيم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى شيئًا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)،”رواه مسلم” فهذا ينطبق على حال عامة المؤمنين، فما بالك بالإخوة الذين يعيشون في بيت واحد!؟.
لا تحزني من كلمات والدتك؛ فإنّها لا تقصد القسوة عليك، وإنّما هو قلب الأم الدّائم التّعاطف مع الأضعف، ووقوفها بجانب أختك، قد لا يكون تفضيلاً أو تمييزًا بِقدر ما هو رحمة لها، وربما تمرّ بمواقف تحتاج من أهلها أن يقفوا معها ويساعدوها حتى تتغلب على تلك المواقف والمشكلات حتى تستقر حياتها وتنجح في حياتها الأسرية، فاصبري وأحسني الظن، والتمسي العُذر.
إنّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط”، هذه المشاكل التي تعترضنا هي ابتلاء من الله، اختبار ليرى مدى صبرنا وقبولنا لما كتبه لنا والمؤمن يُبتلى على قدر الدين، وقد بشّر الله الصابرين بقوله:” إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين “.
القطيعة بين الأخوة
في الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة إجتماعية في الظهور على السطح بشكل مقلق وهي “تأزم العلاقات بين الإخوان والأخوات “!!! والأخوة ليست علاقات صداقة تنهيها حين يغدر بك الصديق ويخون .. هي دم يجري في عروقك ، لذلك حتى لو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم في عروقك لتشعرك بالحنين إليه !!! فإن زرتني زرتك .. وإن أعطيتني أعطيتك .. وإن أحسنت إليّ أحسنت إليك .. فمن يقيسون عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر وتصحر الأحاسيس وتباعد المسافات!!! من الضروري أن تضع خطوطاً حمراء لزوجتك ( أو لزوجكِ) ولأبنائك وبناتك حين يكبروا ولا تسمح لهم بتجاوزها فيما يختص بإخوانك وأخواتك .. فأغلب مشكلات القطيعة بين الإخوة تكمن في تدخل الزوجات أو الأزواج والأبناء والبنات وإيغار صدور الإخوة على بعضهم البعض .
لذلك لا تسمح لهم أو لغيرهم أن يتدخلوا في تشكيل إطار علاقتك بإخوتك ويدفعوا بك نحو طريق القطيعة والبعد ، وإذا ما سمحت بذلك فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم !!! روعة الأخوة أن تشعر أختك أو أخاك بقيمته في حياتك .. باشتياقك له بأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك بأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه .. أن تسنده قبل أن يسقط .. أن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك الأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية .. ولا أوراقاً مرسومة في شجرة العائلة .. ولا أرقاماً هاتفية مسجلة في هاتفك .. أنتم إخوة .. حملكم الرحم نفسه ، وأرضعتكم الأم نفسها ، وعشتم في البيت نفسه ، وأكلتم من الصحن نفسه ، وشربتم من الكأس نفسها ، واحتفظتم بالذكريات نفسها ، ولذلك لن تستطيع أن تمحو كل ذلك ، وحتى لو حاولت ستشعر في نهاية كل يوم بتأنيب الضمير فالدم الذي يسري في عروقك سيشعرك بالحنين لإخوة يقاسمونك كريات دمك نفسها !!! فإياك ثم إياك أن تفرط بأخوتك من أجل أي شئ في هذه الدنيا فكل شيئ يمكن تعويضه ولكن إخوتك إن ذهبوا فلن يأتي غيرهم ..
ونبه عدد من المتخصصين في العلوم الشرعية، إلى ظاهرة اجتماعية بدأت في الظهور على السطح بشكل مقلق، وهي «تأزم العلاقات بين الإخوان والأخوات، وذلك بسبب الزوجة أو الزوج أو الأبناء والبنات، وربما كانت المشكلة يسيرة تافهة لا تستحق تأجيجها وإثارتها، وقد تكون بسبب اختلاف وجهات نظر جاء من يشعل فتيلها ويزيدها اشتعالاً، وربما تكون بسبب أمور مالية جراء مداينة أو تركة. وأكدوا على ضرورة تحجيم تلك الظاهرة التي تهدم الكيانات الأسرية، وبيان المخاطر الشرعية والاجتماعية على الأسرة والمجتمع.
الدم في العروق
أن علاقات الإخوة ليست علاقات صداقة تنهيها حين تجف منابع الصداقة أو ينشغل الصديق وتتباعد مقتضيات العيش والحياة، وهي دم يجري في العروق، لذلك حتى لو تجاهلت وجوده في حياتك فستصرخ كريات الدم في عروقك لتشعرك بالحنين إليه، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الواصل بالمكافئ)؛ فإن زرتني زرتك، وإن أعطيتني أعطيتك، وإن أحسنت إليّ أحسنت إليك؛ فمن يقيسون عطاء الإخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصدوا سوى جفاف المشاعر وتصحر الأحاسيس وتباعد المسافات.
يجب أن تضع خطوطا حمراء لزوجتك (أو لزوجكِ)، ولأبنائك وبناتك حين يكبرون ولا تسمح لهم بتجاوزها فيما يختص بإخوانك وأخواتك؛ فأغلب مشكلات القطيعة بين الإخوة تكمن في تدخل الزوجات أو الأزواج والأبناء والبنات وإيغار صدور الإخوة على بعضهم بعضا؛ لذلك لا تسمح لهم أو لغيرهم أن يتدخلوا في تشكيل إطار علاقتك بإخوتك ويدفعوا بك نحو طريق القطيعة والبعد، وإذا ما سمحت بذلك فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك والقطيعة تدب بينهم وأنت تتحسر عليهم خاصة أن ترحيل المشكلات يزيدها تعقيداً وتدخل الغيرة، وأشار أكثر من مفكر ومصلح ومستشار إلى أن روعة الإخوة أن تشعر أختك أو أخاك بقيمته في حياتك وباشتياقك له، وبأن أمره وهمومه ومشكلاته تعنيك، وبأن دموعه تنحدر من عينيك قبل عينيه، وأن تسنده قبل أن يسقط، وأن تكون عكازه قبل أن يطلب منك ذلك؛ فالأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية، ولا أوراقا مرسومة في شجرة العائلة، ولا أرقاما هاتفية مسجلة في هاتفك، مذكراً الجميع بالرحم الذي مررتم به وقبل ذلك الأب الذي كنتم شغله الشاغل حتى تضعضع حين ترعرعتم وشاب عارضاه لأجلكم كلاهما يرسمون لكم لوحة جميلة لتكملوا المشوار بأمان، وحين نغلق منافذ الوشاية نريح ونستريح ونعفي كل القطاعات الحكومية والأهلية من معرة الترافع والقطيعة.
أسباب الخلاف
إن شراكة الإخوة تكون عشوائية وغير مكتوبة ولا محررة فتكون عرضة للاختلاف مستقبلا، والأبناء يرون عمل والدهم دون عمل أعمامهم فإذا كبر والدهم وضعفت قواه تحكموا فيه وصاروا يحثونه على الانفصال والقطيعة فتكون الخلافات، كما أن التأخير في قسمة تركة مورثهم من أسباب وقوع الخلافات، وكذلك خلط الأموال بين الإخوة وعدم تمييز أموالهم الخاصة عن أموالهم المشتركة سواء التي أصلها من مورثهم أومن شراكاتهم السابقة، كما أن الشراكة غير المتوازنة بين الإخوة كأين يقوم بعضهم بالعمل ويدفع المال وبعضهم لا يفعل شيئا هو سبب للخلاف مستقبلا، ناهيك عن ضعف الوازع الديني وعدم الاهتمام بالسمعة الاجتماعية من أسباب وقوع الخلافات، ومبالغة بعض الإخوة فيما يقوم به ونقل أخبار إنجازاته المتوهمة لأولاده يجعلهم يعتقدون أنه مظلوم وأن حقوقهم في المستقبل ضائعة عند أعمامهم تجعلهم يقعون في النزاعات.
العلاقة الأخوية لها تأثير إيجابي على الفرد والمجتمع من خلال عدة أمور أهمها:-
مصدر قوي للانتماء والتلاحم في المجتمع فعندما يتعاون الاشقاء ويعتنون ببعضهم البعض تتشكل روابط قوية تجعلهم يشعرون بالانتماء الى وحدة عائلية واحدة وهذا التلاحم ينعكس على المجتمع بشكل عام حيث يشعر الافراد بالانتماء والتعاون ويسعون جميعا نحو تحقيق النجاح والرفاهية المشتركة.
توفير الدعم العاطفي والنفسي للأفراد فعندما يكون الأخ او الأخت يمنح الدعم والتشجيع يكون للفرد القدرة على التغلب على التحديات والصعاب بالإضافة الى ذلك تسهم العلاقة في تطوير الشخصية والنمو العقلي والعاطفي للفرد حيث يمكنهم تبادل الخبرات والمعرفة وتعلم المهارات الحياتية من بعضهم البعض.
العمل على تعزيز القيم والأخلاق فالأشقاء يتبادلون الأفكار والتجارب ويعيشون معا تحت سقف واحد مما يسهم في نقل القيم الأسرية والثقافية وتعزيزها فيتعلمون من بعضهم البعض مفاهيم مثل العدل والصداقة والمسؤولية وبالتالي يتشكل جيل يتمتع بالقيم الإيجابية والأخلاق الحميدة.
تسهم في تعزيز الوحدة والتعاون الاجتماعي في المجتمع فعندما يتفاعل الاشقاء بشكل إيجابي ومتبادل يكونون نموذجا يحث الاخرين على التعاون والتعاطف فيتعلم الافراد قيمة العمل الجماعي وضرورة تقديم المساعدة للآخرين مما يسهم في بناء مجتمع يتسم بالتعاون والتضامن.
تجسد العلاقة الأخوية بقوة التلاحم والتعاون بالتواصل في المجتمعات من خلال بناء جسور مكان الحوائط وعمل مفاتيح امام الأبواب المقفلة وفتحها مما يعزز الشعور بالانتماء بين الافراد ويوفر الدعم العاطفي والتطور الشخصي والتعزيز في القيم الأخلاقية مما يساهم في بناء مجتمع متعاون ومترابط ومزدهر لذا نرى انه الاستثمار الحقيقي في العلاقات الأخوية في المجتمعات لتحقيق التنمية الشاملة والاستقرار الاجتماعي المستدام بالإيجابية.