العاصمة

الفنانة جوهرة الغناء العربي غادة شبير … التراث مفتاح النجاح .

0

..
حوار / الأديب منير راجي
غادة شبير.. فنانة و مطربة وباحثة موسيقية لبنانية , حاصلة على دكتوراه في العلوم

الموسيقية, نالت الجائزة الدولية لأفضل ألبوم عالمي و كان ذلك سنة 2007 ( ألبوم موشخات… شاركت في العديد من المهرجانات

و الحفلات الدولية و زارت العديد من العواصم العالمية , كانت حقا سفيرة للأغنية العربية الأصيلة ..

حين تتحدث اليها تحس و أنك أمام موسوعة موسيقية , اضافة لتواضعها و بساطتها , تنظرللحياة بطريقة مختلفة , متفائلة دائما , و

جدية في عملها الى درجة لا يمكن وصفها , باختصار انها فنانة متميزة جدا ….. بابتسامتها الرقيقة المليئة بالحب و الشجن كان لي معها هذا الحوار …

غادة شبير..فنانة و مطربة وباحثة موسيقية لبنانية , حاصلة على دكتوراه في العلوم الموسيقية , نالت الجائزة الدولية لأفضل ألبوم عالمي و كان ذلك سنة 2007 ( ألبوم موشحات)…

شاركت في العديد من المهرجانات و الحفلات الدولية و زارت العديد من العواصم العالمية , كانت حقا سفيرة للأغنية العربية الأصيلة ..

حين تتحدث اليها تحس و أنك أمام موسوعة موسيقية , اضافة لتواضعها و بساطتها , تنظرللحياة بطريقة مختلفة , متفائلة دائما , و

جدية في عملها الى درجة لا يمكن وصفها , باختصار انها فنانة متميزة جدا ….. بابتسامتها الرقيقة المليئة بالحب و الشجن كان لي معها هذا الحوار …

١- بداية من تكون غادة شبير؟
من الصّعب أن يتكلّم المرء عن نفسه. ولكنّي وبتواضع وبدون طول الكلام، أنا إنسانة أعشق

الموسيقى الجديّة. أعشق بصمات من سبقونا على هذا الدّرب الصّعب. أعشق الغوص في جمال وصعوبة النّغمات لذلك ترجمت اهتمامي

وحبّي وصدقي بالدّراسة للموسيقى العربيّة وبالبحث الجديّ فيها. وحصلت مؤخّراً على شهادة دكتوراة في العلوم الموسيقيّة. وأنا

اليوم أستاذة جامعيّة وباحثة ومطربة في مجال الغناء العربي المقاميّ.
٢- لاحظت و أنا أبحر في أغانيك الكثيرة و

العديدة ان التراث أخذ القسط الأكبر في أغانيك ، ما علاقة ذلك بالفن عموما و بالغناء خاصة؟
التّراث هو الماضي والحاضر. ومن ليس لديه

ماضٍ لا حاضر له. لذلك، من الصّعب الإنطلاق من العدم. الإنطلاق يكون دائماً من مخزون الماضي لإبراز الذّات فكريّاً ربّما وعلميّاً وفنيّاً.

ولا يكون هذا الانطلاق أو العمل بدون المعرفة. الجهل هو ضدّ التّقدّم/. وبما أنّني أهوى العمل في مجال الموسيقى الجديّة ثمّ

التقدّم/ نحو الأمام، كان لا بدّ لي من الإنطلاق بخطوات ثابتة. بالعلم والبحث المضني لتكوين شخصيّة عالمة تجرؤ على اتّخاذ القرارات في

حينها. تجرؤ على البوح برأيها متى شاءت. أردت وفعلت. وعندما غصت في بحر الألحان والمقامات الرّائعة وجدت نفسي عاشقة لهذا النّمط الغنائي فرحت أرتشف الألحان وأدوّنها

وأجعلها مسجّلة بصوتي. فهذا كان بداية الحلم
٣- هل تعتقدين أن الأغنية العربية تشكو من جهل الفنان للتراث؟

الأغنية العربيّة تشكو ليس من جهل الفنان للتّراث. ربّما هناك القليل منهم يعرفون شيئاً عن التّراث ولكنّ الأخطر من كل ذلك هو الإستغناء عن هذا التّراث مقابل الشّهرة

السّريعة وغناء النّمط الشّبابي الذي يخلو من إعطاء المطرب هويته. فيغنّي ما طاب له من الألحان التي تنتمي للنمط الواحد. والأخطر

أيضاً هي في سرقة الألحان من مؤلّفين كبار وجعلها على كلمات ربّما بقيمة متدنيّة المستوى، وصبغ عقول النّاس بأنّه جديد وهو

ليس بالحقيقة سوى لحن مسروق برمّته كأغنية “لمّا بضمّك ع صديري” المسروقة من “يا زهرة في خيالي” للموسيقار الكبير فريد الأطرش.

٤- كيف تنظر الدكتورة غادة في كيفية توظيف التراث في الأغنية العربية، علما ان الوطن العربي يزخر بالتراث الفني من المحيط الى الخليج؟

التّراث الفنّي في الوطن العربي غني جدّاً جدّاً. وربّما عدم اتّفاق العرب على توحيد المقامات والإيقاعات العربيّة قد أغنى هذه البلدان بالإحتفاظ بتراثاتها وبنغماتها وأنماطها المتعدّدة.

المحافظة والعمل على التّراث يكون بالنّبع منه والعمل على منواله. والدّراسة المضنية للنّغمات لمعرفة السّكّو اللّحنيّة التي يجب أن

يسلكها الملحّن ليغدو معه اللّحن جديد بنغم غنيّ مشبع بالألحان التّراثيّة الأصيلة.
٥- بعيدا عن المشرق العربي هل بحتث الدكتورة غادة في التراث الموسيقي في

منطقة المغرب العربي عموما و الجزائري خاصة؟
خلال فترة الدّراسة درست هذه الأنماط الغنائيّة في المغرب وفي الجزائر وفي تونس. واستوقفتني النّوبة والمالوف وشعرت

بالصّعوبة وبالقيمة الكبيرة لهذه الأنماط. أسمعها اليوم وأرتشف في طريقة العمل على

المقام لكنّي لم أقم بدراسة كاملة عن هذه الموسيقى المهمّة التي أحترم. انشاءاللّه الأيّام جايي.
٦- العديد من النقاد يرجعون تراجع الأغنية

العربية الى انعدام الذوق الفني و الجمالي لدى المتلقي (الجمهور)، هل تعتقد الدكتورة غادة ذلك ؟ أم هناك أسباب أخرى وراء تراجع الأغنية العربية؟

أرجوك أستاذ منير، فلنترك هذا الجمهور البريء وشأنه. لا علاقة للجمهور فيما يحدث. هذه جريمة أبطالها الإعلام وتجّار الموسيقى.

منفّذوها الفنّانون الرّاضخون بحجّة اللّا حول ولا قوّة والمظلوم المحكوم الذي لا يصل صوته هو الجمهور. ماذا نقدّم على شاشات التّلفزة؟ ما هي البرامج التي تعنى بتثقيف النّاس

واحترام ذوقهم؟ ما هي الأغاني التي نُسمعها للنّاس على الرّاديو يوميّاً؟ كم من عمل رخيص نرضخ لسماعه لأنّ الفنّان قد دفع مبلغاً من المال لهذه الإذاعة فتسمعنا أعماله أغلب

أوقات النّهار؟ هذا هو قتل الذّوق العام وليس الجمهور من خسر الذّوق. الجمهور يتمتّع برهافة في الحسّ وذوق عالٍ بالفطرة. فإذا صبغنا عقولهم لا نأتِ اليوم لندينهم. الجريمة

في هذا الموضوع هي أنّ القتل لا يكون فقط بالسّيف وبالسّلاح بل بسلب عقول النّاس الخام وصبغها واحتلالها ومن ثمّ إدانتها بحجّة انعدام الذّوق الفنّيّ لديه. نقتل القتيل ونبكي عليه.

٧- حتى لا انسى هناك احدى المعجبات بصوتك و شخصيتك أرادت أن تطرح عليك السؤالين التاليين و هي الأستاذة رولا علي

: ** ما هو سبب عشقك وأدائك للموشحات والأدوار القديمة في زمن قل فيه الاستماع لهذا النوع من الطرب الأصيل ؟ في ظل هذا التطور ومواكبة هذا العصر والاختلاف في الذوق العام ؟ **بمن تأثرت من عمالقة الطرب الأصيل والزمن الجميل وهل تربيت في بيت موسيقي النشأة ان كان بالعزف او بالغناء ؟
نعم سأردّ على السّيّدة رولا بسؤالها الذي تطرحه علي. عشقي للموشّحات يعود إلى أيّام الدّراسة. كنت أعشق شعر الموشحات أوّلاً وبعدما درستُ الموسيقى ووقعَ بين يدَي تسجيلات نادرة لكبار الفنّانين الذّين عملوا على الموشّحات، عشقتها ورحتُ أنبش في كلّ مكان لأجد موشّحاً قديماً فأسارع إلى تدوينه. وكنت أجد متعة ولذّة في تنفيذه. وتطوّر الموضوع

ليطال الدّور والقصيدة والموّال. فأصوات المطربين الكبار جعلني بحالة من الذّهول والإحترام والعشق اللاّ محدود. وموضوع

المسايرة والتّطوير على حساب اللّحن والمقام لا يعنيني با بالعكس يزيد من عنادي ومثابرتي بالمضي قدماً لنبش الجديد من الألحان وكنوز النّغمات المندثرة والمنسيّة.

من عمالقة الطّرب تأثّرتُ أوّلاً بالمشهورين كأمّ كلثوم وعبد الوهاب وفيروز ووديع الصّافي ونجاة علي وأسمهان… وغيرهم من الأصوات

الرّائعة, ولكن فيما بعد أصبحتُ أعشق سماع زغلول الدّامور والياس ربيز وايليّا بيضة والمشايخ طه الفشني وعمر البطش ومصطفى اسماعيل ومحمد رفعت، وغيرهم. كل صوت

أصيل يجذبني. مؤخّراً كنت في سماعٍ دائم للور دكّاش وماري جبران وسعاد الهاشم، وغيرهن.
أمّا في بيتي، فأهلي يتمتّعون بأصوات جميلة جدّاً إنّما لم يحترفوا لا العزف ولا الغناء. اقتصر اهتمامهم على السّمع الأصيل وكان هذا

كافياً ليضعني على الطّريق الصّحيح.
٨- في معظم أغانيك نلمس مدى تأثر الدكتورة غادة بالسريانية المارونية ما سر ذلك ؟
السّريانيّة هي لغتي الأم وهذه اللّغة قد اندثرت

وفاقت عليها اللّغة العربيّة بقواعدها وشعراؤها ومؤلّفوها وناظمو الشّعر والنّثر فيها. وأصبحت لغة بقواميس كاملة. فغدت لغة كاملة

واقتصرت اللّغة السّريانيّة كلغّة خاصّة بشعبٍ وبثقافة معيّنة. وبالنّسبة للموسيقى في هذه اللّغة فهي موسيقى مهمّة جدّاً وكانت أساساً

للموسيقات عامّةً. لذلك نعود إليها دائماً لنستهلّ منها العلم والمعرفة نغمياً وإيقاعيّاً.
٩- هل تعتقد الدكتورة غادة أن زمن الموشحات قد يعود يوما ؟ و هل لديك تصور

لاعادة الاعتبار للموشحات و غرسه في الأجيال القادمة ؟
أن يُسمع الموشّح أو يندثر فهذا يعود إلى الأجيال التي نأمل في تثقيفها ومحاولة

محاربة السّوق التّجاري وحثّهم على سماع هذا النّمط من الغناء. طبعاً هناك الكثير من النّاس يؤمنون بالموشّح ويعوّل على سماعه دائماً.

يبقى الموضوع في التّربية السّمعيّة في المدارس. تثقيف عدد كبير من الأساتذة لحثّ الطّلاّب على سماع الموشّحات.

١٠- لقد زرت العديد من العواصم العالمية كيف كان تجاوب الجمهور مع أغانيك ؟ و ما هي أجمل ذكرى بقيت راسخة في دهنك ؟
النّاس تحبّ وتقدر الغناء العربي الأصيل وفي

العواصم التي زرتها كان دائماً التّرحيب بالنّمط الغنائي جيّد جدّاً. والذّكريات ليس الذّكرى فقط تكون دائماً في مقابلة الجمهور بعد

الحفلة ومحاولة شرح النّغمات لهم والأنماط الغنائيّة والإيقاعات، وهذا فيه فرح ولذّة كبيرة لي.
١١- لقد زرت الجزائر ، هل ممكن أن نعرف كيف كان شعورك و أنت تحلين ضيفة على بلد المليون و نصف المليون شهيد ؟

الجزائر بلد النّضال، بلد العطاء، بلد الشّهداء الأبرار، بلد المعاناة. نعم أوّل ما فكّرت فيه وأنا أنزل إلى المطار قلتُ في نفسي؛ أمعقول أنّني في بلد قدّم مليون ونصف المليون شهيد؟ أهذا

نسمّيه صبغ الأرض بدماء النّاس؟ هل ارتوت الأرض من دمائهم البريئة؟
١٢- ماذا توحي لك الاسماء التالية :
– السيّد درويش: مجدّد الموسيقى العربيّة في القرن العشرين.

– وديع الصّافي: أستاذ الغناء اللّبناني بكلّ تفاصيله ومطرب الجيل.
– فيروز: صوت من السّماء لن يتكرّر
– بليغ حمدي: اللّحن الرّائع

١٣- ماذا تعني لك الكلمات التالية : _الحب _الوطن _الخيانة
– الحب: السّعادة
– الوطن: الكرامة
– الخيانة: مذلّة
١٤- ماذا اضافت الدكتورة غادة للغناء العربي ؟
أخطر سؤال تسألني إيّاه. الإضافة على الغناء لا تأتِ عبثاً ومزاجاً من أحد كائن من كان.

والإبداع في مسيرة فنّان ما، لا يعني حكماً تغيير في قواعد الغناء أو العزف. بل يكون إبداعاً فنيّاً وعمليّاً أنا لا أقول أبداً إنّي أضفت شيئاً. أنا عملت على الأشكال الغنائيّة بكلّ

صدق وأمانة ونهلت التّجديد من أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز والأخوين عاصي ومنصور الرّحباني وسيّد درويش.

١٥- ما هو تصوّرك لمستقبل الأغنية العربية ؟
أنا متفائلة بالجيل الجديد الصّاعد الذي أصبح يتردّد على المعاهد والجامعات ليتثقّف وينهل

العلم. فبهذا الجيل ربّما رؤية جديدة لمسيرة تكون مختلفة عزفاً وتأليفاً وغناءً.
١٦- لقد تتلمذ على يديك العديد من المطربين، هل لنا أن نتعرف عليهم؟

لا أستطيع أن أبوح بأسماء المطربين المعروفين في الوطن العربي الذين درسوا الغناء معي. فأنا أحترم مسيرتهم وأحترم تحفّظهم عن البوح بدراسة ما. وأنا أتحفّظ عن تسميتهم فهذا شأنهم. فإذا أرادوا باحوا

بالموضوع أو بقي سراًّ مكتوماً. بالنّسبة لي الموضوع لا يزيد ولا ينقّص من قيمتي من نواحٍ عديدة، فهم قصدوني كطلاّب للمعرفة

وأنا كان من واجبي أن أساعدهم والباقي لا أفكّر فيه كثيراً صراحةً.
١٧- المعروف عنك أنك فنانة كثيرة المطالعة هل من كاتب أو شاعر أو روائي ترك بصمته في قلب غادة؟

واللّه أنا أحبّ شعر الزّجل وأحبّ الشّعر الخليلي وقد قرأت الكثير منها وحفظت الكثير

. ولكنّي اليوم أقرأ دراسة دكتوراة عن الزّجل اللّبنانيّ وأتمتّع بما اكتشفه غيري من الباحثين في هذا المضمار.

كما إنّي مشغولة اليوم بإتمام كتابي بموضوع المقامات العربيّة. واللّه هو المعين لي دائماً.
١٨- هل من كلمة أخيرة لجمهورك ؟

كلمة أخيرة لكلّ النّاس وليس لجمهوري فقط، لا تضيّعوا العمر في متاهات رخيصة موسيقيّاً وعودوا إلى التّراث. اسمعوا ما طاب لكم من

النّغمات والألحان القديمة فهي غذاء للرّوح.
حاورها الأديب/ منير راجي / وهران / الجزائر

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار