العاصمة

الغيبُ كله لا يعلمُه إلا اللهُ تعالى

0
بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
لله غيب السماوات والارض فلا يعلم الغيب الا الله وحده فهو الخالق العظيم
وهو الذى علم ما سيكون قبل ان يكون فسبحانه

 

وتعالى العزيز الحكيم والغيبُ كله سواءٌ ما كانَ منه في الماضي أم في الحاضرِ
أم في المستقبلِ لا يعلمُه إلا اللهُ تعالى؛ فلا
يمكنُ لأحدٍ مهما بلغتْ منزلتُه، وعلَتْ درجتُهُ وعظمتْ مكانَتُهُ وقوَّتُه،
مما يدَّعِيهِ البعضُ مِن عُلَمائِهِم وأَئمَّتِهِم وأوليائِهِمْ، من
ادعاءِ علمِ الغيبِ ومهمَا كانَ فإنَّه لا يستطيعُ معرفةَ الغيبِ؛ إذْ علمُ الغيبِ مِن خصائصِ الربِّ جلَّ جلالُه.
ومهمَا تقدَّمَ العلمُ الحديثُ ومَلَكَ من الوسائلِ والإبتكاراتِ والصناعاتِ،
فإنَّ العلمَ للهِ وحدَه فقط فأفضلُ خَلْقٍ خلقَه اللهُ تعالى
نبيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وله عند اللهِ تعالى منزلةً عظيمةً،
ومقامًا محمودًا، وحوضًا مورودًا، ومع ذلك فإنه عليه الصلاةُ
والسلامُ لا يَعلمُ الغيبَ، كما قالتْ عائشةُ رضي الله عنها: “مَن زعمَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخبِرُ بما يكونُ في غدٍ
فقدْ أَعظَمَ على اللهِ الْفِرْيةَ، واللهُ تعالى يقولُ: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ رواه مسلمٌ.
وقد أمرَه ربُّه تَباركَ وتعَالى فقالَ: ﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى
إِلَيَّ ﴾ …
وذَبَحَ إبراهيمُ عليه السلامُ عِجْلَهُ للملائكةِ، ولا علمَ لَه بأنهم ملائكةٌ حتى أخبرُوهُ وقالُوا: ﴿ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ ويعقوبُ
عليه السلامُ ابيضَّتْ عينَاهُ من الحُزنِ على يوسفَ، وهو في مِصرَ لا يَدرِي خَبرَهُ، حتى أَظهَرَ اللهُ خبرَ يوسفَ عليه السلامُ.
فهؤلاءِ الرُّسلُ عليهمُ السلامُ أفاضِلُ البشرِ، ما كانوا يعلمونَ الغيبَ،
إلا ما أَطلَعهُم اللهُ تعالى عليه، وكشفَ لهم خَبرَه،
والملائكةُ عليهم السلام مع قُربِهِم منَ اللهِ تعالى وقيامِهِم بوظائِفِهِم
التي كُلِّفُوا بها؛ فإنهم لا يعلمونَ الغيبَ أيضًا؛ ولَمَّا قالَ لهم
سُبحانه: ﴿ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ ….
ومَا كشفَه اللهُ تعالى لرُسُلِه من الغيبِ من قِصةِ بدايةِ الخَلقِ،
وعمارةِ الأرضِ، وأخبارِ الأممِ الماضيةِ، وما جَرى لهم، أو ما كان
منه في المستقبلِ مِن أنباءِ آخرِ الزمانِ، وعلاماتِ الساعةِ،
وأخبارِ البعثِ، والقيامةِ والمصيرِ، فكلُّ ذلك ما هو إلا جُزءٌ يَسيرٌ من
الغيبِ الذي أَطلعَ اللهُ عليه بعضَ خَلقِهِ، وإلا فإنه سبحانَه وتعالى
: ﴿ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ وقد ﴿ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ وأخبرَ
سبحانَه أنَّ خَلقَه ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ وهو مَا عَلَّمَهُم إيَّاهُ…..
ولَمَّا قَد تقرَّرَ في الشريعةِ أنَّ الغيبَ لا يَعلَمُه إلا اللهُ تعالى فإنَّ كلَّ طريقةٍ يُرادُ بها التوصلُ إلى شيءٍ من علمِ الغيبِ غيرَ
طريقةِ الوحيِ الذي اختصَّ اللهُ تعالى بهِ رسلَه فهيَ ضَلالٌ وإِفكٌ وكذبٌ، ولا تُوصِلُ إلى علمٍ حقيقيٍ؛ بلْ هي مجردُ ظُنونٍ
وأوهَامٍ وأكاذيبَ وخِداعٍ، لا تُغنِي من الحقِّ شيئًا. ولأجلِ ذلك حَرَّمَ اللهُ السحرَ والكِهَانةَ والعِرَافةَ، وقراءةَ الكفِّ والفنجانِ
والتَّنجِيمَ، وكذا التوسلَّ والاستعانةَ بالمخلوقِ من دون اللهِ، وطلبَ الحوائجِ والشفاعةَ
من الأمواتِ، أو التوسلَّ بجاهِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم..
وما جرى مَجرَاهَا مِما فيه ادِّعاءُ علمِ الغيبِ بطُرقٍ شيطانيةٍ، وحِيَلٍ كُفريَّةٍ؛ لما فيها من منازعةِ الربِّ جلَّ جلالُه في بعضِ
خصائِصِه…..
ويقول عز وجل ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي
ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾…. فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ….

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading