العشرة الزوجية
الكاتبة تهاني عناني
العشرة الزوجية التي أرادها الله لعباده هي ما جاءت في قوله (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء 19).
فهذه هي القاعدة الشرعية في العشرة، والمفهوم الصحيح للعشرة، فهي المعاشرة بالمعروف، والنظر إلى المحاسن، والتغاضي عن المساوئ في كثير من الأحيان، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
ومما يدعم حسن العشرة بين الزوجين، ما يلقيه الله في قلوب الزوجين من المودة، والرحمة، قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم 21)
السكن والطمأنينة في العلاقة الزوجية نعمة عظيمة، السكن هو الراحة والاستقرار والطمأنينة، والصحبة القائمة على المودة والرحمة، فتأنس الروح، ويرتاح الجسد، مع من يحبه الفؤاد، ويستريح معه، ويلتمس البشاشة والأنس بحديثه.
والحياة الزوجية لا تقوم على الحبِّ فقط، وإن كانت بالحب تُمثل الصورة المُثلى والمكانة الأسمى، ولكنها تقوم أيضاً بالرحمة، فالحب ينشأ ويزداد مع مرور الأيام بالعِشرة الحسنة، فيجعل الله بين الزوجين حنانا ودِفأ، وسعادة وسرورًا، فحُسن العشرة وتبادل الحقوق والواجبات كفيلان بإنشاء المحبة والرحمة بين الزوجين.
فالأحكام الشرعية المتعلقة بالحياة بين الزوجين لا تؤخذ بطريقة يبحث فيها كل من الزوجين عن حقوقه وواجباته أو تجعله دائمًا على صواب والطرف الآخر على خطأ.
رسول الله صلى الله عليه وسلم رسم لنا منهجاً قويماً في العشرة الزوجية. قال (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)،
(الكلمةُ الطيبةِ صدقةٌ)،
(تبسُّمُك في وجهِ أخيك لَكَ صدقةٌ)،
(ووَضْعِ لُقمةٍ في فَمِ الزَّوجةِ صدقة).
الخلق الكريم الذي علَّمنا إيَّاه رسول الله يلزم الزوجة أن تتقي الله في زوجها، وتَعلم أن حُسن عشرتها له وصبرها على أعباء الحياة معه باب من أبواب دخولها الجنة.
وعلى الزوج أيضًا أن يراعي جهد زوجته، وما تقوم به من خدمة طوال اليوم للبيت والأولاد، وأن يكون بها رحيمًا، وألَّا يُحمِّلها ما لا تطيق، فبهذه المشاعر الصادقة المتبادلة يستطيع الزوجان أداء واجبهما والقيام بمراد الله تعالى منهما.