العاصمة

السياسة والاجتماع .. أيهما يلد الآخر؟

0

 

 

ايمان العادلى

(أنا عايزك تحفظ شكلي .. ومفيش صاحب يتصاحب )

بهذه الكلمات يتغنى شبابنا ويتراقص على موسيقاها في عصر

فيزياء الكم والذكاء الصناعي ,ولا ألومهم وحدهم بل ألوم من

أفسد حياتهم الاجتماعية وذوقهم العام وحشرهم في سجن

حيطانه الجهل وسقفه الفساد و المخدرات ومشربه الكذب وبابه

الانتحار المادي والمعنوي .

وبالتراجع خطوة واحدة إلى الوراء حيث ما قبل 2011 م تجد

الغالبية العظمى من أفراد المجتمع المصري لم تنتمي أكاديميا

إلى الأحزاب كالحزب الوطني أو الوفد أو العمل أو الأحرار, ولا

إلى التيارات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين أو الدعوة

السلفية أو غيرهما من هذه الأيديولوجيات .

ورغم ذلك فقد أثرت تلك الأحزاب والجماعات فينا وتعايشنا

معها وكأننا جزء منها ,أو هي نسيج منا , في وعينا الباطن

وإدراكنا الظاهر ,ولعبنا معا ,وخضنا معا صراعات فكرية

وسياسية واجتماعية كثيرة مثل انتخابات الوحدات الحزبية

والندوات الثقافية وحفلات التكريم والأمسيات والمناسبات

السنوية والدورات الرمضانية والصيفية ومعسكرات الشباب

ونشاطات الجوالة ولقاءات المساجد والاعتكاف وحملات النظافة والرحلات وغيرها الخ .

ونعمت هذه الفترة بالأمن الاجتماعي رغم الاختلاف الواضح

والظاهر ورغم التباين والصراع .

والآن نفتقد إلى السلم المجتمعي والأمن الاقتصادي والوعي

الثقافي رغم أن كل المجتمع يدعي التدين والفهم والوعي .

الآن نحن في فراغ شاسع خلفه لنا خروج هذه الكيانات خروجا

مفاجئا وسريعا وشاملا من كل حياتنا .

مما أدى إلى ركون شرائح منا إلى الصمت والترقب والانتظار ,

واتجهت شرائح ثانية إلى المواءمة والتملق والنفاق , وثالثة

للتسلط , ورابعة للتربح والانتفاع والاصطياد في الماء العكر

والاستغلال , وكشفت فرق أخرى عن وجهها القبيح واستباحت

كل غال وثمين من معتقداتنا وقيمنا وتاريخنا وركبت تيار

العلمانية وأعلنت رأس المال دينها , وعلى إثر ذلك تأسست

ملاحم النفي والإقصاء , وشاعت الفوضى في كل الصروح

وانتهكت أدوار وحقوق المرأة على أعتاب محاكم الأسرة ونامت

الطفولة تحت أسنة الأحذية للاعبي الكرة وباتت الفتيات مسرحا

للمخنثين -لا أقول فنانين- وساد الابتزاز وعمت الخلاعة في

وسائل الإعلام والتواصل وفي الشوارع.

أما الشباب فقد جرفه تيار العنف ومتلازمات التفاهة والإدمان

والجهل والتعصب والانجراف حول قدوات رياضية وفنية وهمية وغير حقيقية .

ولعل بدلا , بل إذعانا مني للقراء المطالبين بعرض الحل الذي

غالبا يتضمنه المقال بين المعاني والبيان , سأنضم إلى صفوفهم

متوجها إلى من يهمه الأمر وأتساءل مثلهم إذا كانت المؤسسات

القومية عاجزة عن ملء الفراغ وحل هذه الأزمة المجتمعية التي

لم تمر مصر بمثلها في تاريخها المديد عبر عهود …. حق لنا أن

نستدعي ما قبل 2011 م لنبني رؤية سليمة لما بعد 2030 م .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار