العاصمة

السحر حذر منه النبي وقال هو من الموبقات

0

متابعة اسلام محمد

واليوم ايها القارئ العزيز نقف على بعض المفاهيم الهامه حول قضية السحر حتى لا

يخلط الأمر عند عامة الناس كما هو منتشر بينهم ان السحر ما هو إلا كرامه والسؤال هنا هل هذا السحر هو حقيقي

الفرق بين الكرامه والمعجزة والسحر

فقد عرّف العلماء المعجزة: بأنها أمر يجريه الله على يدي الأنبياء ويكون على خلاف ما

اعتاده الناس من سنن الكون وقوانينه، والغرض منها إثبات صدق نبوتهم، وأنهم رسل

من عند الله. كعدم إحراق النار إبراهيم، وتحول عصا موسى إلى حية، وانشقاق القمر

للنبي – صلى الله عليه وسلم – وخروج الماء من بين أصابعه . وأما الكرامة فهي أمر

يجريه الله على يد أوليائه، ويكون على خلاف ما اعتاده الناس من سنن الكون وقوانينه

كإتيان مريم – عليها السلام – ثمر الشتاء في الصيف، وثمر الصيف في الشتاء، وحملها

من غير زوج، وإخبار أبي بكر – رضي الله عنه – بحمل زوجته بأنه أنثى، ونداء عمر

لسارية أن ينحاز إلى الجبل وسماع سارية لندائه، مع أن بينهما آلاف الأميال . وأما

السحر: فهو تجاوز السحرة حدود قدرات البشر العادية عن طريق استعانتهم بالشياطن، كتحويل الحبال والعصي إلى حيات .

وقد فرق العلماء بيهم قال السعدي رحمه الله :” الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية الخارقة للعادة على يد السحرة والمشعوذين:

أن المعجزة هي ما يُجرِي الله على أيدي الرسل والأنبياء من خوارق العادات التي

يتحدون بها العباد ، ويخبرون بها عن الله لتصديق ما بعثهم به ، ويؤيدهم بها سبحانه ؛

كانشقاق القمر ، ونزول القرآن ، فإن القرآن هو أعظم معجزة الرسول على الإطلاق ،

وكحنين الجذع ، ونبوع الماء من بين أصابعه ، وغير ذلك من المعجزات الكثيرة .

وأما الكرامة فهي ما يجري الله على أيدي أوليائه المؤمنين من خوارق العادات ،

كالعلم ، والقدرة ، وغير ذلك ، كالظلة التي وقعت على أسيد بن الحضير حين قراءته

القرآن ، وكإضاءة النور لعباد بن بشر وأسيد بن حضير حين انصرفا من عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف سوطه .

وشرط كونها كرامة أن يكون من جرت على يده هذه الكرامة مستقيمًا على الإيمان

ومتابعة الشريعة ، فإن كان خلاف ذلك فالجاري على يده من الخوارق يكون من

الأحوال الشيطانية . ثم ليعلم أن عدم حصول الكرامة لبعض المسلمين لا يدل على نقص إيمانهم ؛ لأن الكرامة إنما تقع لأسباب :

منها : تقوية إيمان العبد وتثبيته ؛ ولهذا لم ير كثير من الصحابة شيئا من الكرامات لقوة إيمانهم وكمال يقينهم .

ومنها : إقامة الحجة على العدو كما حصل لخالد لما أكل السم ، وكان قد حاصر حصنا

، فامتنعوا عليه حتى يأكله ، فأكله ، وفتح الحصن ، ومثل ذلك ما جرى لأبي إدريس

الخولاني لما ألقاه الأسود العنسي في النار ، فأنجاه الله من ذلك ؛ لحاجته إلى تلك

الكرامة . وكقصة أم أيمن لما خرجت مهاجرة واشتد بها العطش سمعت حساً من

فوقها ، فرفعت رأسها ، فإذا هي بدلو من ماء ، فشربت منها ثم رفعت .
وقد تكون الكرامة ابتلاء فيسعد بها قوم ويشقى بها آخرون ، وقد يسعد بها صاحبها إن

شكر ، وقد يهلك إن أعجب ولم يستقم ” انتهى من ” التنبيهات اللطيفة فيما احتوت

عليه الواسطية من المباحث المنيفة ” (ص/107) .وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :كيف نفرق بين المعجزة والكرامة والكهانة ؟
فأجاب :
“المعجزة تكون للأنبياء ، والكرامة للأولياء ؛ أولياء الرحمن ، والكهانة لأولياء الشيطان ،

والآن المعجزة لا يمكن أن تقع ؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام آخر الأنبياء ، ولا

يمكن أن تقع . والكرامة موجودة من قبل الرسول ومن بعد الرسول إلى يوم القيامة ،

تكون على يد ولي صالح ، إذا عرفنا أن هذا الرجل الذي جاءت هذه الكرامة على يده هو رجل مستقيم قائم بحق الله وحق العباد عرفنا أنها كرامة .

وينظر في الرجل فإذا جاءت هذه الكرامة من كاهن – يعني : من رجل غير مستقيم –

عرفنا أنها من الشياطين ، والشياطين تعين بني آدم لأغراضها أحياناً ” انتهى من ” لقاءات الباب المفتوح ” (لقاء رقم/84، سؤال رقم/8) .

وبعد أن عرفنا الغرق بين الكرامه والمعجزة والسحر وجب علينا أن نقف على بعض آراء العلماء حول حقيقة السحر وأنواعه

فقد اختلف العلماء على رابين يقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: ومذهب أهل

السنة والجماعة أن السحر ثابتٌ وله حقيقة، وقد اتفق على هذا أهل الحل والعقد

الذين بهم ينعقد الإجماع ولا عبرة بعد ذلك لأقوال المخالفين. وقال الإمام النووي

رحمه الله تعالى: وقد خالف في ذلك بعض أصحابنا من الشافعية، وقالوا: إن السحر

تخييل لا حقيقة له أي: في الواقع، قال النووي : والصحيح الذي عليه الجمهور وعليه

عامة العلماء أن السحر ثابتٌ وله حقيقة، دل على ذلك الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة.

( فلقد استدل أنصار الفريق الأول الذين يقولون: بأن السحر تخييل لا حقيقة له، بأدلة

ينبغي أن نقف أمامها، استدل أنصار هذا الفريق بالقرآن الكريم وبقول الله عز وجل

في سورة طه: فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66]

واستدلوا بقول الله في سورة الأعراف: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ

وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116] واستدلوا أيضاً بالواقع فقالوا: لو أن السحرة

يملكون قلب حقائق الأعيان لقلبوا الحصى إلى ذهب، ولقلبوا الأوراق إلى دولارات،

ولقلبوا الجبال إلى ذهب، ولغيروا حقائق هذا العالم، لو قدر السحرة على ذلك ما

تحايلوا على أكل أموال الناس بالباطل ولكانوا ملوك العالم وأغنى الناس فيه.

واستدلوا أيضاً بأن السحرة لو فعلوا ذلك واستطاعوا أن يقلبوا حقائق الأعيان بأن

يحولوا مثلاً هذا العمود إلى ذهبٍ وهو من الحجارة أو إلى فضة أو إلى غيرهما، لو

فعلوا ذلك لاختلط الحق بالباطل ولاختلطت المعجزة بالسحر حينئذٍ. وقال جمهور أهل

العلم رداً عليهم وهم الذين يقولون: أن السحر حقيقة لا تخييل، وقد استدلوا بأدلة

أخرى من الكتاب والسنة الصحيحة: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا

كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ

هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا

مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا

يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا

بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]. قال علماؤنا من جمهور السلف: إن الله جل

وعلا قد صرح في هذه الآية بأن الشياطين يعلمون الناس السحر، وبأن الناس

يتعلمون السحر من الشياطين، وما لم تكن للسحر حقيقة فما الذي علم الشياطين

وما الذي تعلمه الناس؟ واستدلوا أيضاً بالآية فقالوا: ولقد صرحت الآية بأن الساحر

يفرق بين المرء وزوجه بسحره، وهذه حقيقة لا يمكن على الإطلاق أن تنكر، لأن

التفريق بين الزوج وزوجه أمرٌ عين بائنٌ واضح.واستدلوا بقول الله جل وعلا: وَمِنْ شَرِّ

النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق:4] والنفاثات: هن السواحر اللاتي يعقدن السحر وينفثن

عليه، وقالوا: بأنه لو لم تكن للسحر حقيقة ما أمر الله بالاستعاذة منه على الإطلاق.)

وقد جمع الشيخ محمدحسان بين الآراء فقال والحق أقول: إن السحر منه ما هو

حقيقي ومنه ما هو تخييل، ولا ينبغي أن نقول: إن السحر كله حقيقة، أو أن نقول: إن

السحر كله تخييل، وهناك نوعٌ ثالث يطلق عليه مجازاً لفظ السحر ألا وهو فعل

الشعوذة والدجل وخفة اليد التي نراها على شاشات التلفاز من آن لآخر، هذا هو التحقيق في هذه المسألة والله أعلم.

اترك رد

آخر الأخبار