الروح العاشقة
مقالة لزهر دخان
بنوع أخر من الود تتصرف الروح العاشقة سعياً منها لإرضاء الروح الأخری التي تعشقها وليس الود فقط ما تفرزه غدد المشاعر عند العشاق فهي تسيطر بإفرازاتها عن تصرفات كل أبطال وبطلات قصص الحب دون إستثناء … وليس إلا العشاق يعرفون ما هي عصارة الإفرازات التي صغرتهم أمام العالم وكبرتهم في نظر من يحبون بوله قارب الخفقان الراقي ولامس الحزم الغرامي الدامي الذي به تظبط أمور الحب أو لا يكون فهو كما هو معروف كالسم القاتل ..وإذا كان طفيفاً لطيفاً خفيفاً ضعيفاً فهو ليس بالقاتل ، ولكنه فقط هوان .. وقد قيل في الأثر أن العرب قديماً قالت إن الحب هوان والعشق سم قاتل .. وفي كلی المعنين تأكدت إصابة العاطفين في القلب ..فمات المُغرمُ بفعلتهِ لأنه أقدم علی تسميم نفسه نزولاً عند رغبة قلبهِ ..أمَّا المُحبُ فقد إستمر حياًولم يقتل نفسه ، فعاش في الذل أي الهوان .و لأنه هو الملبي المضحي أهانه الحب في حياته . وكانت كل الإهانات في سبيل دفع الأذی عن الحبيب وإرضائه والإخلاص له ،،، ولو كَرَهَتْ العادات والتقاليد ،..
وفي مثل هذا المقام يحضرني من الشعر هاذين البيتين :
بُنِيَّ الحُبُّ عَلَی الجُورِ
وَلَو أنصفَ المَعشوقُ فِيهِ لَسَمجَ
لَيسَ يُستملحُ فِي وَصفِ الهَوَی
عَاشِقاً يُحْسِنُ تَأليفَ الحُجَجَ
..(وقد نسبت هذه الأبيات إلی الشاعرة الأميرة العباسية علية بنت المهدي أخت هارون الرشيد . ويمكنك متابعتها من خلال الرابط التالي
https://2u.pw/5BkGoAJd)
المقصود من البيت الأول هو أنك لا تستطيع ممارسة الحب بقدرة إرضاء كاملة .. وأنك مهم فعلت تبقی مشاعرك وتصرفاتك ليست كافية للتعبير عن حبك للطرف الأخر. وإذا أمسكت برأس الخيط وإستطعت إخراجه من سم الخياط سوف تكتشف في اللحظة القادمة أنك كنت تتعامل مع عنق جمل وليس خيطاً . وأن الجمل لايزال خارج ثغرة في قلبك أحدثها الحب . أحدثها بمقدار حبة خردل من العشق ، وأصبح بعد ساعات فقط بوزن جمل بما حمل ، وأنَّا للجمل أن يلج في قلب بشري ومن ثقب صغير يسمی غالباً :ثقب الحب الخطير.
ولذا قالت الشاعرة الأميرة في البيت الثاني ما معناه أن الهوی قاتل ،فلا تسمح بوصف له من وصَّافٍ لفاقٍ للحجج … فقد يخدعك بقول من قبيل أنا بخير ..أنا في أحسن حال .. بينما هو مقتول بحبه لحبيبه ولو ملك من يحب وعاش معه تحت صقفٍ واحدة …؟ إذاً وتلخيصاً للقول فلنقل : ليس المحب والحبيب من يستطيع العيش في صحة كاملة . فمن صار يحب صار مريضاً ..