العاصمة

الدم

0
إيمان العادلى

سنتناول مفردة وحيدة ومهمة باْذن الله من كتاب الرحمن وهي الدم فهذه المفردة تكررت فى التنزيل الحكيم أربع مرات فقط
(الدم) نحاول باْذن الله ذكر أيات تأخذنا للمعنى القرءاني الشامل باْذن الله ونبدأ بهذه الاية الكريمة:

﴿فَكَذَّبوهُ فَعَقَروها فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبُّهُم بِذَنبِهِم فَسَوّاها﴾ [الشمس: ١٤]

دمدم : اَي أحكم عليهم قبضته بشدة. (من علم الحروف بحمد الله). وتكرار الحروف فى (دم + دم) دمدم لتأكيد قوة الفعل باْذن الله.

﴿فَأَرسَلنا عَلَيهِمُ الطّوفانَ وَالجَرادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ﴾ [الأعراف: ١٣٣]

نحلل بعمق اكبر لكي نتمكن من التوصل للمعنى المشتق من كلمة (الدم).

هذه الاية الكريمة تبين التدرج فى الأحداث وتكشف طريقة الرحمن التي عذب بها آل فرعون :

١- الطوفان: هي الدرجة الاولة حيث يحاصر الرحمن الكافرين وكأن آل فرعون اصبحوا محاصرين فى بيوتهم كالمساجين فى زنازينهم مقيدة حريتهم وهنا يستخدم الرحمن مياه البحر الميت والأنهار والأمطار لإغراق المنطقة بحيث يصعب على الناس التنقل وتقيد حريتهم.

٢- الجراد: هنا يرفع الله درجة العذاب درجة بحيث يمنع عن الكافرين الذين ينكرون الله مصدر الطعام فيقضي الجراد على الأخضر واليابس وهذا حرمان للعصاة من الرزق الكريم باذنه

٣- القمل : وهنا ينتقل الله عز وجل الى العذاب الجسدي فيصيبهم فى اجسادهم بآفة القمل فيصابون بالأمراض الجلدية

٤- الضفادع : وهذه مرحلة العذاب المتدرجة حيث يمنع الكافرون من الناس من النوم وهي صعبة للغاية قد تؤدي للوفاة

٥- الدم : هي المرحلة الأخطر وهي الاكتئاب الحاد الناتج عن الضغط النفسي والذي يؤدي للانتحار نتيجة عدم القدرة على تحمل الضغوطات القهرية.

عندنا ندقق بشكل منطقي وعلمي نكتشف ان هذه هي نفس طرق التعذيب التي أستخدمها الأنسان بالتدرج مع المساجين. وتبدأ بسحب الحرية ومحاصرة السجين فى زنزانة انفرادية ثم منع الطعام عنه ثم عدم النظافة والاستحمام مما يصيب الجلد بالأمراض ثم مرحلة الإزعاج المستمرة بتعذيب الشخص بعدم نومه فيمنع من النوم وأخيرا الضغط النفسي القوي جدآ والذي يؤدي به للانتحار.

﴿حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ وَالدَّمُ وَلَحمُ الخِنزيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ وَالمُنخَنِقَةُ وَالمَوقوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطيحَةُ
وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلّا ما ذَكَّيتُم وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَستَقسِموا بِالأَزلامِ ذلِكُم فِسقٌ اليَومَ يَئِسَ الَّذينَ كَفَروا مِن دينِكُم فَلا تَخشَوهُم وَاخشَونِ اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا فَمَنِ اضطُرَّ في مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجانِفٍ لِإِثمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [المائدة: ٣]

علمنا الرحمن بفضله أن الغريزة الانسانية زوج غريزة التكاثر للمحافظة على النوع وغريزة الاكل للبقاء على قيد الحياة.

وبنفس المنطق القرآني الجميل هناك زوج لما حرّم الله وهو تقنين المطلق للحفاظ علينا وتنظيم الحياة.

الاول ما حرّم الله فى النكاح والثاني ماحرّم الله فى الاكل اَي لكل نوع من الغرائز (التكاثر والأكل) محرّمات (ممنوعات) واجبة الالتزام.

من محرّمات الطعام والتي تظهر فيها مفردة الدم تظهر بوضوح فى سورة المائدة اية ٣ :

١- الميتة: هي أجساد الانعام التي فارقت الحياة وهناك ما يوثق ضعف المجال الطاقي لهذه الانعام بمجرد موتها وبدء تحلل أجسادها مع الزمن.

٢- الدم: وهي الحيوانات المكبوتة فلا يجوز اطلاقا التضييق بشكل مفرط على الانعام ثم نقوم بذبحها لأكلها بعد وضعها فى هذه الظروف القهرية.

٣- لحم الخنزير: هذا المخلوق خلقه الله ليكون اداة التنظيف فى الطبيعة لعمل توازن بيئي وهنا لحكمة علمية يعلمها الله منعنا من هذه اللحوم.

٤- ما اهل لغير الله: فقط ما يذكر اسم الله عليه حلال ويمنع ان يذكر اسم اَي شيء الا اسم الله على ما نأكل.

٥- المنخنقة: ما تم خنقها وقتلها بمنعها من التنفس.

٦- الموقوذة: وهي التي ماتت من الضرب على رأسها او جسدها وتهتكت أنسجتها.

٧- المتردية: الساقطة من ارتفاع فتهتكت أعضائها الداخلية.

٨- النطيحة: المصدومة كأن تتناطح مع غيرها من الانعام او يتم صدمها بمتحرك كالسيارة مثلا.

٩- ما اكل السبع الا ما ذكيتم: وهو المتروك من صيد الحيوانات المفترسة لفريستها والاستثناء فقط اعطي لما يتم شوائه على النار وقد مسته النار. (التذكية).

١٠- وما ذبح على النصب: ما يذبح على النصب التذكارية للآلهة او لأشخاص ماتوا لإحياء ذكراهم.

١١- ان تستقسموا بالأزلام : تقديم القرابين لمعرفة الحظ والنصيب.

﴿وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾ [البقرة: ٣٠]

يسفك الدماء : يستعبد الناس ويضيق عليهم معيشتهم للتحكم والسيطرة فى حياتهم بدون حق.

﴿قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥]

دماً مسفوحاً : تعني التضييق والانتقاص الظالم بدون قيود او حق وهو تعدي.

﴿وَمَن لَم يَستَطِع مِنكُم طَولًا أَن يَنكِحَ المُحصَناتِ المُؤمِناتِ فَمِن ما مَلَكَت أَيمانُكُم مِن فَتَياتِكُمُ المُؤمِناتِ وَاللَّهُ أَعلَمُ بِإيمانِكُم بَعضُكُم مِن بَعضٍ فَانكِحوهُنَّ بِإِذنِ أَهلِهِنَّ وَآتوهُنَّ أُجورَهُنَّ بِالمَعروفِ مُحصَناتٍ غَيرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخدانٍ فَإِذا أُحصِنَّ فَإِن أَتَينَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيهِنَّ نِصفُ ما عَلَى المُحصَناتِ مِنَ العَذابِ ذلِكَ لِمَن خَشِيَ العَنَتَ مِنكُم وَأَن تَصبِروا خَيرٌ لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [النساء: ٢٥]

ولنتفهم معنى مسفوح : غير مسافحات اَي غير خارجي عن الشرع والقيود المتعارف عليها فتنحط القيم الانسانية.

يعلمنا الله ان لكل شيء طاقة ومن الممكن ان تتحول لطاقة سلبية بمجرد تأثرها النفسي او الجسدي بما ينعكس على مخزون هذه الطاقة فى لحومها وهنا العلم بما يصلح للأكل هام جدا فنحن نبني اجسادنا مما نأكل.

ومن كل ماسبق نتعلم ان الله رحيم بالعباد وقد منع عنهم كل مايضر بصحتهم وتنظيم حياتهم وأوضح لنا العزيز الخبير دقة معاني كلماته من داخل الكتاب ذاته وفصل لنا الأحكام وعلمنا التدرج فيها وإعطاء الفرصة لعل الغافل يفيق والظالم يعود عن غيه.

لذلك ادعوا الجميع لإعادة النظر فى مفهوم الدم والسوءة من كتاب الله لنكتشف ان السائل المادي الذي يدور فى عروقنا اسمه القرءاني (#سوءة) والدم هو الضغط النفسي المحكم كما علمنا ويعلمنا الرحمن.
والله أعلم

اترك رد

آخر الأخبار