العاصمة

الجانب المشرق للحجاج بن يوسف الثقفى

0
إيمان العادلى
لقد أجتمع في الحجاج بن يوسف الثقفي من الصفات ما لا يجتمع لغيره من المسلمين بل من
الناس أجمعين فقد أجتمع فيه ما بين زُهد وإجرام وديانة وطغيان وحب للقرآن وقتل للصالحين،
واحترام للخلفاء واستهانة بالصحابة الأجلاء وأكثر شخصية في تاريخ المسلمين زيد عليها في
إجرامها فلقد نسب الى ما فعله الكثير من القصص الموضوعة والضعيفة التي لا تصح متناً وسنداً
وكان الحجاج أفصح الناس لغة وأعقلهم حتى قيل فيه انه هو والحسن البصري افصح الناس لغة وهو
وأياس بن معاوية عقولهم ترجح عقول الناس أجمعين
ورغم كل هذه الأفعال التي فعلها إلا إنك تقف حائراً في موته ورغم المرض الذي أصابه قبل موته
إلا أن موته في شهر رمضان وقرائته للقرآن ودعوته التي قالها قبل أن يموت تجعلك حقيقةً
تفكر كثيراً في أمر هذا الرجل الغريب
قال الحسن البصري سمعت كلمة من الحجاج وقذتني إلى العبادة عندما قال في خطبة من
خطبه: ( إن امرءًا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليها حسرته يوم
القيامة )
وعند احتضاره جعل يرفع يده للسماء ويقول: ( اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل ) فقال
عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما سمع هذه الكلمة: (والله إن نجا فبهذه الكلمة) وقد رؤيت له منامات
تدل على أن الله قد قتله بكل قتيل قتله بغير حق ثم عزل مع الموحدين
وكما قال الصادق المصدوق صل الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالخواتيم )
قال الزبرقان : سببت الحجاج يوما عند أبي وائل فقال : لا تسبه لعله قال يوما : اللهم ارحمني
فيرحمه إياك ومجالسة من يقول : أرأيت أرأيت
وقال عوف : ذكر الحجاج عند محمد بن سيرين ، فقال : مسكين أبو محمد إن يعذبه الله عز وجل
فبذنبه وإن يغفر له فهنيئا له وإن يلق الله بقلب سليم فقد أصاب الذنوب من هو خير منه فقيل له :
ما القلب السليم؟ قال : أن تعلم أن الله حق وأن الساعة حق قائمة وأن الله يبعث من في القبور .
وقال إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني عن أبيه عن جده عن عمر بن عبد العزيز
أنه قال : ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدي إياه على حبه القرآن وإعطائه أهله ، وقوله
حين حضرته الوفاة : اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني بعض أهل العلم ، قال : قيل للحسن : إن الحجاج قال عند الموت كذا
وكذا قال : أقالها؟ قالوا : نعم . قال : عسى . وقال أبو العباس المبرد عن الرياشي عن الأصمعي قال :
لما حضرت الحجاج الوفاة أنشأ يقول :
يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا بأنني رجل من ساكني النار
أيحلفون على عمياء ويحهم ما علمهم بعظيم العفو غفار
قال : فأخبر بذلك الحسن فقال : تالله إن نجا فبهما
وحقيقة أفضل ما قيل فيه ما ذكره الامام الذهبي رحمة الله عليه في سير أعلام النبلاء بقوله عن
الحجاج : ( له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله )
المصدر
كتاب ( نظرات في حياة الحجاج)

اترك رد

آخر الأخبار